نشرنا فى صفحات القواطع عن موضوع القواطع عن المهيمن من كتاب المرشد الوجيز، وها نحن فى هذا الباب نستكمل الموضوع بجوانب أخرى تكمله حتى تعم الفائدة:

 

 

الحَلة لاتزال رأسى

 

خرجت من عنده، وأنا فى حالة غير عادية، ماشى فى الطريق، وماسك دماغى، وكأنى ماسك حلة فيها مية وخايف المية تقع، انت متخيل معايا اللى حصل لدماغى بعد الكلام اللى سمعته، كل ماأفكر فيه دماغى تسخن، والمية اللى جوه الحلة تغلى، وكل ماتغلى مااشوفش قدامى، وقال فى الآخر يقولى ... عجبك ... عجبك ... مش عجبك ... انت حر ... حر ... فى إيه؟ انت تقولى إن السكة دى هى الوحيدة الى صح، ومفيش غير كدا، وبعدين تقولى انت حر ... طيب إزاى؟ حد يقولى إزاى ... آآه ... المية بتغلى قوى، وخايف لتنقص ... أعمل إيه؟ أروح فين؟ وظللت أكلم نفسى بصوت منخفض مرة، ومرتفع مرة أخرى ... وفجأة ... لقيت إيد بتشدنى، وصوت بيقول بطلوا الهباب اللى بتتعاطوه ده، كنت حتقع فى البلاعة المفتوحة، فانتبهت فوجدت أمامى بلاعة مفتوحة، فابتعدت بسرعة ... مش خوف على نفسى ولا حاجة، الموضوع كله إنى خايف على الحلة لتقع، وأحسست بالتعب مش عارف ليه ... ياترى من كتر المشى؟ أو من كتر التفكير؟ المهم لقيت حجر كبير، رحت قعدت عليه، وقلت لنفسى ياواد اهدأ كده، وفكر صح فى الكلام اللى قاله ده ... هو شريعة أو حقيقة؟ طيب إن كان شريعة أنفذه إزاى؟ هو شريعة أو حقيقة؟ أعمله إزاى؟ هم قالوا لنا إن الشريعة أعمال بنقوم بيها زى الصلاة، والصوم والزكاة والحج ... دى الأعمال اللى بيعملها المسلمين واتفقوا عليها، لكن الكلام اللى قاله معظم المسلمين لم يتفقوا عليه ... آه يبقى بيتكلم فى الحقيقة ... حقيقة إيه؟ دا احنا لسّه ماخلصناش شريعة زى مابيقول ... شريعة أو حقيقة ... حقيقة أو شريعة ياناس حد ينجدنى، وأحسست أن الحلة مش بتغلى وبس ... دى فارت، والمية اللى فيها بتنقص، فخفت على مخى ليستوى ويدوب فأسرعت إلى البيت، وطلبت منهم أن يعملوا دورق كركدية ساقع وظللت أصب واشرب، وكأنى واحد بيشرب خمرة علشان ينسى، المهم طلع النهار فأسرعت بارتداء ملابسى، وذهبت إليه وانا شايل الحلة، وبدون سلام أو تحية، دخلت فى الموضوع قائلاً: الكلام اللى انت قلته ده شريعة أو حقيقة؟ فقال: الكلام اللى أنا قلته حقيقة و... فقاطعته قائلاً: أيوه ياشيخ ريحت قلبى الله يريحك فقال: انت بتقاطعنى ليه ... أنا لسّه مكملتش كلامى، أنا عاوز اقولك إن الكلام اللى أنا قلته حقيقة وشريعة، فقلت بصوت عالى: ياخبر أبيض ... بتقول إيه؟ دى الحلة اتحرقت والمية اتبخرت، فرد قائلاً: حلة إيه؟ فقلت: فهمنى الكلام اللى انت قلته دلوقتى، فقال: حقيقة لأن الكلام ده حق، وشريعة لأننا لسّه بنتكلم فى الشريعة ... اهدأ بس واسمع ... مش الإسلام بنى على خمس، احنا بنتكلم فى القاعدة الأولى أو بالصح فى النصف الثانى منها، فقلت: قاعدة إيه؟ وصاروخ إيه؟ وضح لى الكلام ده، والا حنعمل زى النسوان وأصوت وألم عليك الناس ... فضحك وقال: أصبر يابنى ... أصبر، مش أول قاعدة من قواعد الإسلام قول "لا إله إلا الله محمد رسول الله" مش هى دى كلمة التوحيد، إحنا بنتكلم فى النصف الثانى منها، النصف الظاهر أو النصف الإيمانى، اللى هو إيه ... محمد رسول الله ، ربنا ىسبحانه وتعالى بيحب سيدنا محمد حب ماله حدود ... حب مطلق ... فوق كل وصف أو نعت، إيه الدليل على كده؟ أقولك ... لما ربنا سبحانه وتعالى أمر سيدنا آدم بالهبوط إلى الأرض، سيدنا آدم ظل يبكى ويتوسل إلى الله تعالى، بيتوسل بإيه؟ بيقول: يارب بحق محمد اغفر لى، وظل يكرر هذا الدعاء، ربنا سبحانه وتعالى أوحى إليه ياآدم وكيف عرفت محمد؟ قال: يارب عندما خلقتنى ورفعت رأسى رأيت مكتوب على العرش "لا إله إلا الله محمد رسول الله" ولا  أظن أنك تضيف اسم إلى اسمك إلا إذا كان حبيبك، فأوحى إليه، ولولاه ماخلقتك، ثم غفر له ... الكلام اللى أنا قلته دلوقتى من حديث موجود بنصه فى الصحيح فى ... وسَكَت لفترة ليتذكر فقلت: فى البخارى ... فى مسلم، فنظر إلى وقال: ياابنى هى الأحاديث النبوية الشريفة مش موجودة غير فى البخارى ومسلم؟!! ياعم فيه كتب تانية جامعة لأحاديث سيدنا رسول الله آه ... على ماأذكر حتلاقى الحديث فى الترمذى، وسمعت رواية أخرى لهذا الحديث إن سيدنا آدم وجد قول أو كلمة التوحيد "لا إله إلا الله محمد رسول الله" مكتوبة فى الجنة، المهم اجتمعت الرواية على ذلك المضمون، وهو فضل سيدنا محمد رسول الله على جميع الخلق بما فيهم سيدنا آدم فقاطعته قائلاً: استنى ... استنى، فاكر قوى الحديث اللى انت قلته من فترة قريبة ... أيوه ... قال سيدنا رسول الله (أنا سيد ولد آدم ولا فخر) ... واخد بالك قال ولد آدم ولم يقل آدم، أنا صحيح الحلة تعبانى لكن مركز معك برضّه ... فرد قائلاً: تماماً ... ابقى فكر فى الحديث ده ... ماشى؟ وكرر الكلمة بصوت مرتفع ... ماشى؟ فرفعت رأسى عن الورقة التى كنت أكتب فيها هذه الملحوظة، وقلت: ماشى ... ماشى، فقال: طيب ... نرجع لموضوعنا ... استنى ... استنى، الرد على كلامك موجود فى القرآن ظاهر يعنى شريعة مش محتاجين ننتظر لما نمتكلم عن الحقيقة، اسمع ياسيدى، ربنا سبحانه وتعالى أخذ عهد على النبياء والرسل إن سيدنا محمد لو جاء فى عصر أى نبى أو رسول منهم، فعلى النبى أو الرسول إتباعه ... الكلام ده فين؟ لما نروح لسورة آل عمران الآية رقم 81 بتقول ﴿وَإِذْ أَخَذَ اللهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ لَمَا آَتَيْتُكُمْ مِنْ كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّهُ قَالَ أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَى ذَلِكُمْ إِصْرِى قَالُوا أَقْرَرْنَا قَالَ فَاشْهَدُوا وَأَنَا مَعَكُمْ مِنَ الشَّاهِدِينَ﴾ طبعاً الكلام ده مش للأنبياء والرسل فقط، لكن لكل نبى أو رسول مبعوث إلى أمة يجب أن يبلغ ذلك، فكان يقول لأمته بما معناه خلى بالكم إن جاءكم رسول من بعدى صفاته كذا وكذا آمنوا به على طول بدون تفكير أو تردد، وسيدنا على قال "لم يبعث اللهُ نبيّاً، آدم ومن بعده، إلا أخذ عليه العهد فى محمد، وأمره بأخذ العهد على قومه ليُؤْمنُنَّ به، ولئن بُعث وهم أحياءٌ لينْصُرُنَّه". معايا ... خدت بالك من الكلام ده، فقلت: الله ينور عليك ... أهو كدا الكلام و... وسَكتُ لحظة لأننى شعرت بشئ مختلف ... إيه اللى حصل؟ واكتشفت أنى قد أنزلت الحلة وارتحت من حملها، علشان كدا الكلام بقى له شكل تانى وسهل فقلت: كمل كلامك شبعنى، فقال ضاحكاً: انت جعان؟ فقلت: للكلام ده ... آه، تصدق ياشيخ لأول مرة أحس ان الكلام له طعم ... كمل ... كمل  خلينى أشبع، فرد قائلاً: الكلام اللى جاى محتاج تركيز ... علشان كدا النقط اللى جايه حَبَسَطها قدر الإمكان، فقلت فى ثقة الفاهم: كمل ولا يهمك ... خلاص الواحد داخل بصدره ... كمل يا شيخ، فقال: ربنا سبحانه وتعالى لما قال لهم ﴿أَأَقْرَرْتُمْ﴾ بذلك وقبلتوه واخذتم على الكلام اللى قلته عهدى وميثاقى ﴿قَالُوا أَقْرَرْنَا﴾ يعنى قبلنا، انتهى الموضوع بعد كده ... خلص؟!! ... لأ ربنا قال لهم إيه؟ ﴿قَالَ فَاشْهَدُوا وَأَنَا مَعَكُمْ مِنَ الشَّاهِدِينَ﴾ الكلام الأخير كلام كبير قوى ... ليه؟ ... علشان فيه توكيد وتحذير شديد، إيه الدليل على كده؟ الدليل فى الآية اللى بعدها على طول اللى هى رقم كام، فقلت: حتكون كام يعنى ... الأولى رقم 81 يبقى التانية 105! ... طبعاً 82، فقال: الآية بتقول ﴿فَمَنْ تَوَلَّى بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ﴾ يعنى الكلام ده للأنبياء والرسل ... طبعاً لأ، الكلام ده للأمم اللى بُعثوا فيهم، فمن تولى منهم بعد الإخبار بهذا العهد ... ونظر إلىّ فوجد علامات عدم الفهم ظاهرة على وجهى، فقال: طيب ... حَبَسَط الكلام ده شوية ... شوف ياسيدى ... انت عارف إن الأنبياء والرسل معصومين يعنى عندهم عصمة من ربنا سبحانه وتعالى ... يعنى ربنا حافظهم من الزلل ... ماشى؟ ... الكلام اللى جاء فى الآية جه لمين؟ دا لكل أمة بعث فيها نبى أو رسول ... الأنبياء والرسل عملوا اللى عليهم دعوا الناس لتوحيد الله ... ثم أبلغ كل واحد منهم قومه باتباع الرسول الخاتم إن كان بعث فى عصرهم ... حلو الكلام لحد كده؟ ... الأمم دى فيهم ناس تمسكوا بكلام أنبيائهم ورسلهم ودول المؤمنين، وفى ناس رجعت فى كلامها دول اللى تولوا بعد ماسمعوا الكلام من أنبيائهم وأظهروا الموافقة ... دول الفاسقون اللى خرجوا عن الإيمان ... خرجوا راحوا فين؟ طبعاً كفروا، فقلت أساله: كفروا بالله؟ فقال: لأ ... الكفر ليس بالله ... إنما الكفر فى الحالات اللى زى دى، يبقى كفر بكلام نبى أو رسول قبل أو أثناء أو بعد، الكفر يعنى كَفْر الشئ ... يعنى فى اللغة تغطية وبالبلدى تخبيه عن الناس ... ده يسمى كفر أما الشرك فيقال فى حق كل من جعل لله شريك فيقال أشرك بالله ولا يقال كفر بالله، ونظر إلىّ، لقانى فى عالم تانى ... من الغباء وعدم الفهم فقال: أبَسَطها أكتر؟ فقلت بسرعة: ماتبسطهاش أكتر من كده، إيدك معايا، فقال: إيه مش قادر تقوم؟ فقلت: إيدك معايا شَيّلنى، فقال: أشَيّلك إيه؟ فقلت الحلة.

 أحمد نور الدين عباس