نشرنا فى صفحات القواطع عن موضوع القواطع عن المهيمن من كتاب المرشد الوجيز، وها نحن فى هذا الباب نستكمل الموضوع بجوانب أخرى تكمله حتى تعم الفائدة:

 

 

مين يقفل شبابيك الهوا؟

 

ذهبت إلى صديقى، وأنا فى حالة عجيبة أقرب إلى الجنون، فوجدته يكتب شئ فى ورقة أمامه، وشدنى فضولى أن أعرف ماذا يكتب؟ فطلبت منه كوب من الماء، فذهب لإحضاره، فسارعت إلى رؤية مايكتب، فوجدت عنوان فقط لكلام لم يكتب بعد، وشدنى العنوان بل أذهلنى فترة، حتى أنى لم أشعر إلا بيده تلمس كتفى، وقوله: الميه ... الميه. وانتبهت إليه فوجدت كوب الماء فى يديه، ولم أعتذر له عن تطفلى، ولكنى قلت: إيه ياعم الكلام ده؟ إيه الانقلاب اللى حصل ده؟ بقى بعد الكلام فى الدين والطريق القويم، تكتب "أنا وحبيبتى" ... ونظرت إليه، وكأنى أقول له: وعامل فيها شيخ. وسألته مين هيه؟ فضحك منى وقال: انت مش فاهم حاجة. فقلت فى غيظ: طب فهمنى. فرد قائلاً: كلمة أنا، مش كلام عنى، لكن عن الأنانية، أما حبيبتى فهى نفسى فلا يوجد شئ أحب إليك أكثر من نفسك إلا إذا ... ولم أتركه يكمل كلامه، وقاطعته قائلاً: أنا مش حقدر عليك، المرة الجاية ابقى اشرح لى الموضوع ده، لكن دلوقتى أنا جايلك وفى دماغى شبابيك مفتوحة، الهوا بيدخل منها، وعاوز أقفلها علشان أحس بالدفئ. مين يقفلها لى؟ فرد قائلاً: ياعم، هو أنا مفيش ورايا غيرك. فقلت: اكسب فىّ ثواب. وأمسكت برأسى وقلت: أنا دماغى خلاص ... حقولك عن الشبابيك مرة واحدة، وجاوب براحتك على أى شباك تختاره:

الشباك الأول: الواحد دلوقتى إذا صلى وصام وزكى وحج يعنى يطبق الشريعة يعنى يعمل بالقواعد الخمس للإسلام؟ ده مش كفاية؟ مش هو ده الدين؟ءء

والشباك التانى: موضوع زيارة المقامات زى مابتقولوا، واللى بتعمله الناس داخل الأضرحة من توسل وطلب العون والمساعدة، مش ده شرك؟ مش النبى قال (إذا سألت فاسأل الله، وإذا استعنت فاستعن بالله) ... ده غير موضوع قولك شى لله، يعنى إيه شى لله؟

وسَكَتُّ عن الكلام وأحسست بأن هَم كبير قد انزاح عن صدرى، ونظر إلىّ وقال: اللى أعرفه من الشبابيك دى حقولك عليه، واللى يتوه عنى نسأل اللى أكبر منى، اتفقنا. فأشرت برأسى موافقاً، فقال: نبتدى بالكلام عن أساس الدين أو أصل الدين "التوحيد" زى ماقال أحد الصالحين الكلام فى التوحيد خطأ والسكوت عنه خطأ يعنى إيه؟ يعنى التوحيد مش كلام، التوحيد معانى وأحاسيس تكبر داخلك بالعلم والفقه، وزى ماقال الشيخ فخر الدين :

إِنَّ فِى التَّوْحِيدِ إِحْكَامُ الْمَثَانِى        عَالِمُ التَّوْحِيدِ بُغْيَتُهُ الْمَعَانِى

الشرط الأساسى لدخولك الإسلام إنك تقول لا إله إلا الله ... وتسكت؟!! ينفع؟ طيب ما أهل الكتاب بيقولوا لا إله إلا الله ... يبقى شرط دخولك الإسلام الإقرار بأن الألوهية لله سبحانه وتعالى والرسالة لسيدنا رسول الله فتقول "لا إله إلا الله محمد رسول الله" هى دى كلمة التوحيد اللى ابتدا بيها الإسلام، ولأنهم أحبّوا سيدنا النبى آمنوا به وبما يقول، ولم يكن وقتها صلاة مفروضة أو زكاة أو صوم أو حج بالشروط التى وضعها الإسلام، يبقى هم آمنوا الأول ولاّ حبّوا الأول؟!! طبعاً عرفوا سيدنا النبى أولاً ثم أحبّوه فآمنوا به، يبقى أساس الإيمان المحبة، والمحبة تؤدى إلى الاتباع، والمحبة مش بالعقل ... فاهم، ربنا سبحانه وتعالى قال فى كتابه الكريم لسيدنا رسول الله ﴿قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللهَ فَاتَّبِعُونِى يُحْبِبْكُمُ اللهُ﴾ آل عمران 31، يعنى المحبة تؤدى إلى الاتباع، معنى ذلك أن دليلك على أنك تحب الله هو اتباعك لسيدنا رسول الله ... كلام واضح؟

طيب ... سيدنا رسول الله قال (أحبّوا الله لما يغذوكم به من نعمة وأحبّونى لحب الله وأحبّوا أهل بيتى لحبى) فقاطعته قائلاً: يعنى انت تقصد إن المحبة لأهل البيت هى محبة لله، فرد قائلاً: دى الحقيقة ... يبقى الشباك ده اتقفل؟ فقلت: نص الشباك بس، فاضل النص الثانى، الرابط بين الكلام ده، واللى سألته عنه، فرد قائلاً: يعنى احنا اتفقنا إن السكة لله تعالى تبدأ بمحبة أهل البيت، فقلت: تمام، فقال: بالنسبة للحديث اللى انت قلت جزء منه، انت عملت زى اللى قال: ربنا بيقول ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ﴾ النساء 43، وسكت ولم يكمل، لأنه عاوز يخرب فى دين الله، نفس الموضوع بس المرة دى عن طريق حديث لسيدنا رسول الله ، هو ترك آخر الآية، وأنتم تركتم أول الحديث، بداية الحديث (احفظ الله يحفظك، احفظ الله تجده تجاهك، إذا سألت ...) إلى نهاية الحديث يبقى المفروض علشان أسأل الله أو أستعين بالله لازم أعمل حاجتين الأول أعرف إزاى أحفظ الله علشان يحفظنى، بعد كده أحفظ الله علشان يبقى تجاهى، فى الوقت ده أبقى أسأل الله وأستعن بالله، فقاطعته قائلاً: ربنا بيقول فى فاتحة الكتاب ﴿إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ﴾ فرد قائلاً: تانى ... تانى؟ أكمل ﴿اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ﴾ آمين ... إذا كانت الاستعانة بالله فقط فلماذا نطلب أن يهدنا إلى الصراط المستقيم –الصراط بتاع اللى أنعم عليهم ربنا سبحانه وتعالى- ربنا سبحانه وتعالى بيقول فى كتابه الكريم ﴿اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ إِنَّ اللهَ مَعَ الصَّابِرِينَ﴾ البقرة 153، أما عن قول سيدنا موسى ﴿قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ اسْتَعِينُوا بِاللهِ وَاصْبِرُوا﴾ الأعراف 128، فى زمن سيدنا موسى هل فى حد تانى رسول؟ أو من أولى العزم من الرسل غير سيدنا موسى؟ مفيش، فقوله بيعلمنا الأدب مع الله ... لإن الاستعانة على الإطلاق فهى بالله سبحانه وتعالى ولا يعرف كيفيتها إلا رسول أو نبى أو ولى كبير، وسيدنا موسى قال ذلك ليبين الخبيث من الطيب فيهم، لأن من آمن به سوف يأتى إليه ليستعين به كى يعرف كيفية الاستعانة بالله، يعنى حيستعينوا بسيدنا موسى لأنه السكة الوحيدة أمامهم إلى الله سبحانه وتعالى، أما الخبيث منهم ومن غيرهم من الأقوام سوف يقول الاستعانة بالله فقط، ولا يفقه شئ مما يقال ولكنه ركب رأسه، فلا تركب رأسك ألم تسمع هذا القول:

تعصى الإله وأنت تظهر حبه          هذا لعمرى فى القياس بديع

لو كان حبك صادقاً لأطعته          إن المحب لمن يحب مطيع

فاهم يا ... صاحب الشبابيك؟ هل كده فيه منها شباك اتقفل؟

أحمد نور الدين عباس