هذه خطب ليوم الجمعة مقسمة على أسابيع الأشهر العربية مساهمة فى تتبع أحداث هذه الشهور ودعما للإخوة المكلفين بخطبة الجمعة فى البلاد النائية، وهى تصلح لأن تكون خطبا أسبوعية قائمة بذاتها، كما تصلح أن تكون نواة لتحضير خطبا أكبر، كما يمكن أن تضيف عليها من واقع أحداث البلد الذى أنت فيه.

خطب شهر نوفمبر

نسخة كاملة للخطب

(الخطبة الأولى) سيدنا إبراهيم 1

... أما بعد

أحباب الحبيب المصطفى لقد خص الله سبحانه وتعالى، سيدنا إبراهيم بصفات، وأثنى عليه فى كتابه الكريم فى مواضع كثيره، فقد ذكره المولى تبارك وتعالى فى القران الكريم، تسعا وستين مرة، فى خمسة وعشرين سوره، كما وردت سوره خاصة باسمه.

ومن الخصائص آلتى خص بها سيدنا إبراهيم:

1. أن الله سبحانه وتعالى جعله أبا الأنبياء، فمن ذريته سيدنا إسماعيل وسيدنا اسحق وسيدنا يعقوب وسيدنا يوسف والأسباط وخاتم الأنبياء جميعا سيدنا محمد وهو من ذرية سيدنا إسماعيل وذلك مصداقا لقوله تعالى ﴿وَجَعَلْنَا فِى ذُرِّيَّتِهِ النُّبُوَّةَ وَالْكِتَابَ وَآتَيْنَاهُ أَجْرَهُ فِى الدُّنْيَا وَإِنَّهُ فِى الآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ﴾ العنكبوت 27، وقد طلب المولى جل وعلا من حضرة النبى آن يتبع ملة سيدنا إبراهيم حنيفا، وكان قبل البعثة، يتعبد فى غار حراء على ملته ...

 

(الخطبة الثانية) سيدنا إبراهيم 2

... أما بعد

يقول الحق سبحانه وتعالى فى محكم التنزيل ﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِى حَاجَّ إِبْرَاهِيمَ فِى رَبِّهِ أَنْ آتَاهُ اللهُ المُلْكَ﴾ البقرة 258، اخوة الإيمان مازلنا نحيا مع السيرة العطرة مع أبو الأنبياء، مع الخليل سيدنا إبراهيم عليه وعلى نبينا افضل صلاة وأتم تسليم، فقد ذهب سيدنا إبراهيم إلى النمروذ وكان يحتكر الطعام، وكلما دخل عليه قوم يشترونه منه، سجدوا له، فلما دخل عليه سيدنا إبراهيم ولم يسجد له، قال مالك لا تسجد لى فقال سيدنا إبراهيم أنا لا اسجد إلا لربى، قال له النمروذ: من ربك؟ قال إبراهيم: ربى الذى يحى ويميت، فلما سمعها النمروذ قال: أنا أحى وأميت. وقيل انه أتى باثنين وحكم عليهما بالقتل فقطع السياف رأس أحدهما، ثم أتى ليقطع رأس الآخر فعفى عنه، فقال هكذا أنا أحى وأميت، فعارضه سيدنا إبراهيم بأمر الشمس فقال له، فإن الله يأتى بالشمس من المشرق فأت بها من المغرب، فبهت الذى كفر، وقال لا تميروه أى لا تتبعوه، فرجع سيدنا إبراهيم الى أهله دون شيئ، فمر على كثيب رمل كالدقيق فقال فى نفسه، لو ملأت غرارتى من هذا، فإذا دخلت به على أهلى حتى أنظر لهم فى طعام يأكلونه، فذهب بذلك، فلما بلغ منزله وضع الغرارتين، ونام هو من التعب ...

 

(الخطبة الثالثة) سيدنا إبراهيم 3

... أما بعد

يقول الحق سبحانه وتعالى فى محكم التنزيل ﴿وَقَدْ مَكَرُوا مَكْرَهُمْ وَعِندَ اللهِ مَكْرُهُمْ وَإِن كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الجِبَالُ﴾ إبراهيم 46، أحباب الحبيب المصطفى لا يزال الحديث يسرى بنا ونسبح فى نهر أبو الأنبياء، نغوص فى بحار المعرفة، لنخرج جواهره النفيسة، فقد جاء فى تفسير هذه الآية الكريمة لابن جرير الطبرى والقرطبى عن عبد الرحمن بن دانيال قال: سمعت سيدنا على بن أبى طالب كرم الله وجهه يقول "أن جبارا من الجبابرة قال: لا أنتهى حتى أعلم من فى السماوات، فعمد إلى فراخ نسور أتى بأربعة فراخ نسور، فأمر أن تطعم لحم، حتى اشتدت وعضلت واستعجلت (قويت وسمنت) ثم أمر بأن يتخذ تابوت يسع فيه رجلين، وأن يجعل فيه عصا فى رأسها لحم شديد حمرته، وان يستوثق من رجل النسور بالأوتاد، وتشد إلى قوائم التابوت ثم جلس هو وصاحب له فى التابوت وأثار النسور، فلما رأت اللحم طلبته فجعلت ترفع التابوت حتى بلغت ما شاء الله، فقال الجبار لصاحبه: افتح الباب فانظر ما ترى؟ فقال أرى الجبال كأنها ذباب، فقال اغلق الباب، ثم صعدت بالتابوت ما شاء الله أن تصعد، فقال الجبار لصاحبه: افتح الباب فانظر ما ترى؟ فقال ما أرى إلا السماء وما تزداد منا إلا بعدا. فقال: نكس العصا فنكسها، فانقضت النسور، فلما وقع التابوت على الأرض ...

 

(الخطبة الرابعة) سيدنا إبراهيم 4

... أما بعد

لا يزال القرآن الكريم بحرا زاخرا بأنواع العلوم والمعارف، يحتاج من يرغب الحصول على لآلئه ودرره، أن يغوص فى أعماقه، وما زلنا نغوص فى قصة من قصصه وإعجازه، خليل الرحمن، أبو الأنبياء، سيدنا إبراهيم فيقول الحق سبحانه وتعالى فى محكم التنزيل ﴿رَبَّنَا إِنِّى أَسْكَنتُ مِن ذُرِّيَّتِى بِوَادٍ غَيْرِ ذِى زَرْعٍ عِندَ بَيْتِكَ المُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُوا الصَّلاةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِّنَ النَّاسِ تَهْوِى إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُم مِّنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ﴾ الأنبياء 37.

جاء سيدنا إبراهيم بالسيدة هاجر وبابنها سيدنا إسماعيل وهى ترضعه، حتى وضعهما عند البيت، عند دوحة –شجرة- فوق زمزم فى أعلى المسجد، وليس بمكة يومئذ أحد -أى كانت صحراء ليس بها شيئ، حتى لم يكن بها البيت وقت ذاك- وليس بها ماء، فوضعها هنالك، ووضع عندهما جرابا فيه تمر، وسقاء فيه ماء، ثم عاد سيدنا إبراهيم منطلقا، فتبعته أم سيدنا إسماعيل ، فقالت يا إبراهيم، أين تذهب وتتركنا بهذا الوادى، الذى ليس فيه إنس ولا شيئ، قالت له ذلك مرارا وجعل لا يلتفت اليها، فقالت له: أالله أمرك بهذا؟ قال: نعم. قالت: إذا لا يضيعنا. ثم رجعت، فانطلق سيدنا إبراهيم، حتى إذا كان عند الثنية حيث لا يرونه، استقبل بوجهه البيت، ثم دعا بهذه الدعوات، ورفع يديه فقال ﴿رَبَّنَا إِنِّى أَسْكَنتُ مِن ذُرِّيَّتِى بِوَادٍ غَيْرِ ذِى زَرْعٍ عِندَ بَيْتِكَ المُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُوا الصَّلاةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِّنَ النَّاسِ تَهْوِى إِلَيْهِمْ ...

 

رمضان مختار