فى عظيم شرف صحبة رسول الله وردت أحاديث كثيرة وتواترت أخبار عديدة، دلت كلها على أن صحبة رسول الله إنما هى منزلة فى الدين فنقول (صحابى) ولو رجعنا إلى كتب الأصول لذهبنا إلى أبعد من هذا، فلم يكن للصحابى بشرف صحبة رسول الله منزلة فى الدين فقط، بل ومن رأى صحابياً صارت له منزلة فى الدين أيضاً ويسمى (تابعى) وهم من جاءوا بعد انتقال رسول الله وعاصروا الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين، ومن عاصروا التابعين ولم يعاصروا الصحابة كانت لهم منزلة أيضاً ويسمى صاحبها (تابع تابعى) فكان لمن رأى من رأى صحابياً شرف ومنزلة يمتاز بها عن غيره، فياللعجب يكون لمن عاصر من رأى صحابية منزلة فى الدين ونرى أناس فى هذا الزمان يخوضون فى صحابة رسول الله ، ولا أدرى كيف يقابلون رسول الله يوم القيامة وينظرون إليه وهم من الخائضين فى حق من نصروه وجاهدوا معه إلى أن قويت شوكة الإسلام واشتد عضده بمؤازرتهم له ، ألم يسمعوا قول الحق تبارك وتعالى فى ختام سورة الفتح ﴿مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِى وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِى التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِى الْإِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا﴾ واتفق أئمة المفسرين على أن المعنيين بهذه الآية الكريمة هم صحابته ، وذكروا بالأخص وسمّوا منهم الخلفاء الأربعة وهم سيدنا أبى بكر الصديق وسيدنا عمر ابن الخطاب وسيدنا عثمان ابن عفان وسيدنا على ابن أبى طالب رضوان الله عليهم أجمعين، وغيرها من الآيات الكثير، فهم الأوائل من الذين آمنوا به واتبعوا هديه ، فكانت منزلتهم عند الله رضوان الله تعالى عليهم أجمعين لم تُنال بكثير صلاة ولا كثير صيام ولا كثير زكاة، وبهذا أخبر المصطفى فى الحديث المروى فى الصحاح الستة (البخارى ومسلم وابن ماجه والترمذى وأبو داود والنسائى) ومسند الإمام أحمد بن حنبل، عن أبى سعيد الخدرى قال قال النبى : (لَا تَسُبُّوا أَصْحَابِى فَلَوْ أَنَّ أَحَدَكُمْ أَنْفَقَ مِثْلَ أُحُدٍ ذَهَبًا مَا بَلَغَ مُدَّ أَحَدِهِمْ وَلَا نَصِيفَهُ). وعن البراء قال: لا تسبوا أصحاب رسول الله فوالذى نفسى بيده لمقام أحدهم مع رسول الله أفضل من عمل أحدكم عمره وقال مثله سيدنا عبد الله ابن مسعود، فتبين لنا من هذا الحديث أن الجلوس معه والنظر إلى وجهه الشريف خير للإنسان من الدنيا وما فيها. ومن الأحاديث الشريفة أيضاً ما يبين لنا أن صحابته لم يكن أمراً وليد الصدفة وإنما هو اختيار من الله عز وجل له فعن عويم بن سعادة أنه قال (إن الله اختارنى واختار لى أصحاباً، وجعل لى منهم أصهاراً وأنصاراً ووزراءً، فمن سبهم فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين، لا يقبل الله منه يوم القيامة صرفا ولا عدلا) رواه أبو نعيم فى معرفة الصحابة والسيوطى فى جمع الجوامع والطبرانى فى معجمه الأوسط. وكما أنه لزم على كل مسلم أن ترسخ فى عقيدته محبة المصطفى وآله، لزم عليه أيضاً أن ترسخ فى عقيدة محبة صحابته ، ونفى السوء عنهم، والاعتقاد فيهم بالخير كله. اللهم ثبتنا على هذا الأمر وذرياتنا إلى أن نلقى وجهك يا أكرم الأكرمين وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. عصام
|
||
من التابعين: إبراهيم بن أدهم 3 العالم الزاهد المحدث كنا قد عشنا فى العددين السابقين مع بعض تعريف عن التابعى الجليل إبراهيم ابن أدهم العالم الزاهد المحدث، واليوم نختم رحلتنا فى رحابه ببعض الأقوال التى اشتهر بها وكذلك بعضا من صفاته: من أقواله
من بعض صفاته
وروى عنه بأنه قال لأصحابه عشية موته وهم فى عرض البحر يقاتلون البيزنطيين: أوترو لى قوساً، فأوتروه فقبض عليه فمات وهو قابض عليه يريد أن يرمى العدو به. هكذا كانت خاتمة سيرة هذا الزاهد والمتصوف والمجاهد المؤمن إبراهيم بن الأدهم وهو القائــل: "من عرف ما الطلب هان عليه ما يبذل" ودفن فى جبلة وأقيم له فيها مقام كبير, ويقام عنده مسجد جامع كبير باسمه يقصد من الناس من جميع الأمصار. سمير جمال |
||
من أراد الاستزادة فى هذا الموضوع فليتتبع صفحات الصحابة فى موقع الأحباب أسرة التحرير |
||
|