عالم الإنترنت وإفرازاته

 لعل التطور الكبير الذى حدث فى مجال خدمات الاتصالات فى دولنا العربية فى الآونة الاخيرة وخاصة فى خدمة الانترنت قد أحدثت نقلة نوعية فى مجال تقنية وتبادل المعلومات، وذلك نتاج طبيعى للتطور والتقدم الذى حدث فى شتى مناحى الحياة، ولكن هل هذا كل شيئ؟ أليس هناك سلبيات وافرازات سالبة فى هذا الصدد؟.

 ومن الملفت للنظر أن جيلنا الصاعد اصبح يستخدم تقنية الأنترنت بكل يسر وسهولة، حتى اننا كثيرا ما نندهش من إجادتهم لاستخدامها ونقول من باب المزاح هذا (هو جيل الانترنت) ونسعد باستخدامهم لهذه التقنية لانها تزيد من ثقافتهم وتنمى عندهم حب المعرفة والبحث عن كل جديد، مع ضرورة أن يكون استتخدامها فى حدور المعقول.

  لكن ماذا عن السلبيات، ومتى تنقلب هذه النعمة الى نقمة؟ فمثلا فيما يتعلق بالمواقع، فالكل يدرك سهولة انشاء موقع على الانترنيت من اجل استخدامه ولكنه ينسى ما يمكن أن يسببه هذا الموقع له من متاعب خاصة اذا كانت صاحبة الموقع أمرأة، فربما يجعلها ذلك عرضة لكثير من الرسائل المحرجة او الصورالخليعة من ذوى النفوس الضعيفة الذين يتسللون الى المواقع لقضاء اوقات فراغهم او ليشبعوا رغباتهم النفسية المريضة التى تتلذذ بايذاء الآخرين.

   فليضع كل منا نفسه فى هذا الموقف الحرج عندما يفتح الابن او الابنة مواقع الوالدين او العكس فيفاجأ بهذه الصور او الرسائل !! لقد تسببت هذه الرسائل فى كثير من المتاعب والمشاكل للاسر ويمكن أن يتطور الأمر الى زعزعة الثقة بين افراد الاسرة الواحدة ، ويبدأ التوجس والخوف من اللحظات القادمة واستخدام كلمة السر (pass word) حتى لا  يطل  احد على الموقع، ومن هنا يبدا خوف الاسرة خاصة اذا تعلق الامر بالابناء الذين لا يزالون فى سن المراهقة مما يثير حفيظة الوالدين حول الامر فيخافا على ابنائهم من الانترنيت ويصر الابناء على التواصل عبر الانترنيت، ومن هنا يبدأ الجدال والحوار الذى يأخذ منحى آخر فيه كثير من التشدد والحزم فتنقلب تلك النعمة الى نقمة تؤرق الاباء والامهات فهل نغلق مواقعنا خوفا من هؤلاء الناس؟.

 ومن السلبيات أيضا ادمان البعض لاستخدام الانترنت الأوقات طويلة  سواء كان ذلك من جانب الشباب او فئات المجتمع الأخرى، وعلى وجه الخصوص المغتربين، وذلك لسهولة الحصول على خدمات الانترنت فى دول المهجر، وهذا الامر يحتاج الى بحث ودراسة، تتناول بالتفصيل الافرازات السالبة لاستخدام  الانترنت .

 والاخطر  من ذلك إدمان بعض الاطفال لاستخدام خدمة الانترنت وجلوسهم لساعات طويلة أمام شاشة الكمبيوتر وذلك على حساب واجباتهم الدراسية، وعلى الرغم من أن هذا الموضوع فى غاية الأهمية والخطورة إلا وأنه يتطلب أن نتحلى بالصبر والتعامل بوضوح وشفافية مع الابناء فى مثل هذه المواقف، لكى نعالجها بحكمة وعقلانية بعيدا عن التشدد والانفعال. وهذا الموضوع مطروح للنقاش، وسنناقشه مستقبلا من ضمن القضايا الت تناقضها صفحة ’المرأة‘.    

هدى عبد الماجد- السودان

 

التعلم من الصغر

أختى الأم وأخى الأب: أن تعاليم ديننا الحنيف حضت على اللإسراع بتربية أبناءنا منذ ولادتهم، فقد قال لنا مولانا: أن تعليم الأولاد يبدأ منذ الولادة، ولما لم نفهم؛ قال: بالملاطفة والقدوة والاصطحاب إلى الذكر والحضرة، فلما تعجبنا: وهل ينفعهم الاصطحاب إلى أمكن الذكر والعبادة وهم لا يفهمون، قال مولانا: تصطحبوهم إلى الحضرة فإن فرغتم فأعطوهم حلوى أو افعلوا لهم مما يحبون، فإنهم يرتبط معهم الذكر والحضرة بما يحبون، وهذا فى حد ذاته تعليم.

 وكانا قد أُخبرنا سابقا بأن بكاء الأطفال يأتى بالملائكة فلا تمنعوهم، ولذلك لم نستغرب الحديث:

عن بن عمر قال سمعت رسول يقول: (لا تضربوا أولادكم على بكائهم فبكاء الصبى أربعة أشهر شهادة أن لا إله إلا الله، وأربعة أشهر الصلاة على محمد وأربعة أشهر دعاء لوالديه).

وحتى مداعبة الأطفال واللهو معهم فقد أخرج القراب من طريق مكحول عن أبى الدرداء عن النبى قال: (اللهو فى ثلاث: تأديبك فرسك ورميك بقوسك وملاعبتك أهلك). فحث على ملاعبة الأطفال وملاطفتهم لتقريبهم إليك حتى يتعلموا منك بالقدوة قبل التعليم.

وقال : (إذا أفصح أولادكم فعلموهم لا إله إلا الله، ثم لا تبالوا متى ماتوا، وإذا اثغروا فمروهم بالصلاة) -ابن السنى فى عمل يوم وليلة - عن ابن عمرو، ويرشدنا الرسول إلى أن القدوة فى تعليم الأولاد الخير منذ الصغر تجعله متأصلا فيهم، فأخرج ابن أبى شيبة والطبرانى عن ابن مسعود قال: (حافظوا على أبنائكم فى الصلاة وعودوهم الخير فإن الخير عادة).

والعملية التعليمية عمل متصل لا يتنتهى ولا يمل منه الآباء، فإذا ما شب الأطفال لاحقهم الآباء بالتعليم والإكرام، فعن أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ محَدِّثا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ أَنَّهُ قَالَ: (أَكْرِمُوا أَوْلاَدَكُمْ وَأَحْسِنُوا أَدَبَهُمْ)– ابن ماجه، وعَنْ أَبِى رَافِعٍ رَفَعَهُ: (حَقُّ الْوَلَدِ عَلَى الْوَالِدِ أَنْ يُعَلِّمَهُ الْكِتَابَةَ وَالسِّبَاحَةَ وَالرَّمْى)، وعن بكر بن عبد الله بن زريع الأنصارى قال قال رسول الله صلى الله عليه و سلم: (علموا أولادكم الرماية والسباحة ونعم لهو المؤمنة الغزل وإذا دعاك ابواك فاجب أمك)، ويكتب سيدنا عمر بن الخطاب إلى أهل البصرة: ’علموا أولادكم العوم ورووهم ما سار من المثل‘، أى ارووا عليهم الأمثال وعلموهم الآداب، وقالت عائشة : ’علموا أولادكم الشعر تعذب ألسنتهم‘، وعن على بن أبى طالب قال: ’مروا أولادكم بطلب العلم، - ابن عمشليق فى جزئه.

ولم يقف الشارع عند حد الحث على تأديب وتعليم الأولاد العلوم العامة المناسبة لما هو منتظر منهم عندما بشبوا، بل إنه أثاب الوالدين عن هذا التأديب، فروى الترمذى مرفوعا: (لأن يؤدب الرجل ولده خير له من أن يتصدق بصاع)، وفى رواية له أيضا مرفوعا ومرسلا: (ما نحل والد ولدا من نحل أفضل من أدب حسن). ومعنى نحل: أعطى ووهب، وأخرج ابن ابى شيبة عن الضحاك بن قيس قال: ’يا أيها الناس علموا أولادكم وأهاليكم القرآن فإنه من كتب له من مسلم يدخله الله الجنة أتاه ملكان فاكتنفاه فقالا له: اقرأ وارتق فى درج الجنة حتى ينزلا به حيث انتهى علمه من القرآن‘، وحديث: (من قعد مع أهله مقعداً فقرأ آية وهى قوله: ﴿استغفروا ربكم إنه كان غفاراً ... ﴾ إلى آخرها، إلا جعله الله غلاماً وأمده بالمال وجعله فى سعة من الرزق). وحديث: (من هلك من أمتى فترك خلفا يصلى صلاته ويقوم مقامه فلم يمت)، وحديث: (لا يلقى الله أحد بذنب أعظم من جهالة أهله).

وارتبط التعليم وشكله بالعمر، فأخرج ابن أبى شيبة وأبو داود والحاكم عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال: قال رسول الله : (مروا أولادكم بالصلاة وهم أبناء سبع سنين واضربوهم عليها وهم أبناء عشر سنين وفرقوا بينهم فى المضاجع), وعن أنس قال: قال رسول الله : (مروهم بالصلاة لسبع سنين واضربوهم عليها لثلاث عشرة).

ومن أهم ما يتعلمه الأبناء حب الرسول ، ... ولكن هذ فى اللقاء القادم إن شاء الله

 سامية السعيد