التبرك بالأنبياء والصالحين
وعن جواز التبرك بآثار الأنبياء يقول الحق سبحانه:
﴿وقال
لهم نبيهم إن آية ملكه أن يأتيكم التابوت فيه سكينة من ربكم وبقية مما
ترك آل موسى وآل هارون تحمله الملائكة إن فى ذلك لآية لكم إن كنتم
مؤمنين﴾
قال الحافظ بن كثير فى التاريخ، قال ابن جرير عن هذا التابوت: وكانوا
إذا قاتلوا أحدا من الأعداء يكون معهم تابوت الميثاق الذى كان فى قبة
الزمان، فكانوا ينصرون ببركته وبما جعل الله فيه من السكينة والبقية
مما ترك آل موسى وآل هارون.
والبقية التى تركها آل موسى وهارون هى: عصا وثياب ونعلا موسى وهارون
ولوحين من التوراة. فانظر بما ينصرون على الأعداء. فافهم.
وقال الحافظ بن كثير فى كتاب البداية والنهاية:كانوا ينصرون على
أعدائهم بسببه وكان فيه طست من ذهب كان يغسل فيه صدور الأنبياء.
وقال الشيخ القرطبى: التابوت كان من شأنه فيما ذكر أنه أنزله على آدم
فكان عنده إلى أن وصل إلى يعقوب
فكان فى بنى اسرائيل يغلبون به من قاتلهم حتى عصوا فغلبوا على التابوت،
غلبهم عليه العمالقة وسلبوا التابوت منهم.
وقال تعالى فى سورة يوسف
﴿اذهبوا
بقميصى هذا فألقوه على وجه أبى يأت بصيرا﴾:
فما السر الذى كان فى القميص حتى أن سيدنا يوسف واثق تمام الثقة من
الشفاء، هل كان دواء؟ أم سحرا؟ .. حاشى لله إنها آثار بركة سيدنا يوسف
فى قميصه.
وقال تعالى فى سورة مريم على لسان سيدنا عيسى
:
﴿وجعلنى
مباركا أين ماكنت وأوصانى بالصلاة والزكاة مادمت حيا﴾
فإذا دققنا النظر فى هذه الآية نجد عندما تكلم عن البركة قال
﴿أين
ما كنت﴾
بمعنى فى أى مكان حيا أو ميتا .. وعندما تكلم عن التكاليف الشرعية قال
﴿مادمت
حيا﴾
لأن التكاليف الشرعية فى الحياة الدنيا فقط.
وعن نافع أن عبد الله بن عمر أخبرنا: أن الناس نزلوا مع رسول الله
على الحجر - أرض ثمود - فاستقوا من آبارها وعجنوا به العجين، فأمرهم
رسول الله
أن يهريقوا ما استقوا ويعلفوا للإبل العجين وأمرهم أن يستقوا من البئر
التى كانت تردها الناقة. الإمام مسلم فى كتاب الزهد وقاله النووى فى
الجزء الثامن من الشرح.
فلماذا الأمر بالسقاية من البئر التى كانت تردها الناقة أليس هذا
تبركا، وبمن؟ بآثار الناقة، وانظر حينما أمرهم
أن يهريقوا مااستقوا من آبار أرض ثمود ويعلفوا للإبل العجين ثم يستقوا
من البئر التى كانت تردها الناقة.
أى أنه
يعلمنا بأن نتبرك حتى بالحيوانات التى تتبع الأنبياء وينهانا عن التبرك
بمن كفر بالأنبياء مع أنهم آدميين.فافهم
وقد أورد عبد الله بن عمر
فى حديث الاستسقاء بسيدنا العباس، فقال: أقبل الناس على العباس يتمسحون
به ويقولون له هنيئا لك ياساقى الحرمين.
وقد قال
:
(وهل تنصرون وترزقون إلا بضعفائكم بدعائهم وصلاتهم وإخلاصهم) أى ببركة
هؤلاء تنصرون وترزقون.
وقال
:
(لولا ما فى البيوت من النساء والذرارى لأمرت بالصلاة فتقام، ثم أنطلق
معى رجال معهم حزم من حطب إلى قوم لا يشهدون الصلاة معنا فأحرق عليهم
بيوتهم) أى أن بركة النساء والذرارى حالت دون حرق بيوتهم حتى فى إقامة
الفريضة، فانظر إلى مدى أهمية التبرك.
وللحديث بقية ...
الحاج البشير |