يحاول بعض الناس أما عمدا أو جهلا أن يخدعوا أنظار المسلمبن عما كان عليه السلف الصالح ويدعون معرفتهم ويتسببون فى حيرة الناس حتى أنهم ليتسائلون:

 

كتاب الله وعترتى ... أم كتاب الله وسنتى

دأب بعض الناس على إغفال رواية حديث رسول الله الصحيحة والمتعلقة بأهمية كتاب الله وأهل بيته ، وتراهم يفضلون عليها الرواية الأضعف والمتعلقة بأهمية كتاب الله وسنته ، وما ذلك إلا لهوى فى أنفسهم وبدون وجه حق.

والرواية الأولى هى: الحديث الصحيح المتواتر الذى أخرجه مسلم فى صحيحه عن يزيد بن حيان قال: انطلقت أنا وحصين بن سبرة وعمر بن مسلم إلى زيد بن أرقم فلما جلسنا إليه قال له حصين: لقد لقيت يا زيد خيرا كثيرا حدثنا يا زيد ما سمعت من رسول الله قال: يا ابن أخى والله لقد كبرت سنى وقدم عهدى ونسيت بعض الذى كنت أعى من رسول الله فما حدثتكم فاقبلوا وما لا فلا تكلفونيه. ثم قال: قام رسول الله يوما فينا خطيبا بماء يدعى خما بين مكة والمدينة فحمد الله وأثنى عليه ووعظ وذكر ثم قال: (أما بعد ألا أيها الناس فإنما أنا بشر يوشك أن يأتى رسول ربى فأجيب وأنا تارك فيكم ثقلين أولهما كتاب الله فيه الهدى والنور فخذوا بكتاب الله واستمسكوا به) فحث على كتاب الله ورغب فيه ثم قال: (وأهل بيتى أذكركم الله فى أهل بيتى أذكركم الله فى أهل بيتى أذكركم الله فى أهل بيتى). صحيح مسلم كتاب فضائل الصّحابة، باب من فضائل على بن أبى طالب 2/1883 (ج2408)، والبيهقى فى سننه، وابن أبى شيبة وبرواية أخرى بلفظ: (إنى تارك فيكم الخليفتين من بعدى: كتاب الله وعترتى، أهل بيتى، وإنهما لن يتفرقا حتى يردا على الحوض)، وأخرجه النسائى وأيضا برواية شبيهة برواية ابن أبى شيبة وبرواية أخرى عن أبى الطفيل عن زيد بن أرقم: ’أنه قال لما رجع رسول الله عن حجة الوداع ونزل غدير خم أمر بدوحات فقممن ثم قال (كأنى قد دعيت فأجبت إنى قد تركت فيكم الثقلين أحدهما أكبر من الآخر كتاب الله وعترتى أهل بيتى فانظروا كيف تخلفونى فيهما فإنهما لن يتفرقا حتى يردا على الحوض ثم قال إن الله مولاى وأنا ولى كل مؤمن ثم أخذ بيد على فقال من كنت وليه فهذا وليه اللهم وال من والاه وعاد من عاداه) فقلت لزيد سمعته من رسول الله قال ما كان فى الدوحات رجل إلا رآه بعينه وسمع بأذنه‘، وفى آداب الصحابة للسلمى، وفضائل الصحابة للإمام أحمد عن أبى سعيد الخدرى قال: قال رسول الله : (إنى قد تركت فيكم ما إن أخذتم به لن تضلوا بعدى: الثقلين، واحد منهما أكبر من الآخر، كتاب الله حبل ممدود من السماء إلى الأرض، وعترتى أهل بيتى، ألا وإنهما لن يتفرقا حتى يردا على الحوض) كما رواه أيضا يرواية ابن أبى شيبة ورواية النسائى كما رواه فى مسنده، وفى صحيح ابن خزيمة والترمذى والدارمى وعبد بن حميد وأبو يعلى وابن حبان والسيوطى، فالحديث يعده العلماء متواترا لأنه يكاد لا يخلو منه كتاب من كتب الحديث الأربعة عشر أو الكتب التابعة لها.

أما الرواية الثانية فهى: ما رواه البيهقى عن عكرمة عن ابن عباس ان رسول الله خطب الناس فى حجة الوداع فقال: (يا ايها الناس انى قد تركت فيكم ما ان اعتصمتم به فلن تضلوا ابدا كتاب الله وسنة نبيه). والحديث له رواية أخرى عن طريق أبى هريرة فيها (كناب الله وسنتى)، البيهقى فى السنن الكبرى، والحاكم فى المستدرك وزاد فى بدايته: (قد يئس الشيطان بأن يُعبد بأرضكم، ولكنَّه رضى بأن يُطاع فيما سوى ذلك مِمَّا تحاقرون من أعمالكم، فاحذروا يا أيُّها الناس)، ورواه أيضا البغدادى واللالكائى والسيوطى والدارقطنى والسجزى فى الإبانة وقال: غريب جدا، وعد الحافظ ابن حجر أحد رواته فى درجة الضعفاء.

والواقع أن الرواية الأولى هى الأصح وكان العلماء يضطرون للدفاع عن صحة الرواية الثانية على أساس توافقها مع أحاديث أخرى، ويرون أنها لا تتعارض مع الرواية الأولى وإنما تؤيدها وتشرحها، حيث أن أهل البيت فيهم سنة النبى ويسرى فيهم نور نبوة المصطفى إلى يوم القيامة، فمن تمسك بهم فهو متمسك بسنة المصطفى .

فانظر كيف تسرب التضليل للناس فأصبح يغفلون الرواية الأولى تماما وكأن الثانية هى الصحيحة بل وأصبح بعض الناس لا يعرفون الأولى تماما ويستغربونها.

عُبيد البيت

التبرك بالأنبياء والصالحين

وعن جواز التبرك بآثار الأنبياء يقول الحق سبحانه: ﴿وقال لهم نبيهم إن آية ملكه أن يأتيكم التابوت فيه سكينة من ربكم وبقية مما ترك آل موسى وآل هارون تحمله الملائكة إن فى ذلك لآية لكم إن كنتم مؤمنين قال الحافظ بن كثير فى التاريخ، قال ابن جرير عن هذا التابوت: وكانوا إذا قاتلوا أحدا من الأعداء يكون معهم تابوت الميثاق الذى كان فى قبة الزمان، فكانوا ينصرون ببركته وبما جعل الله فيه من السكينة والبقية مما ترك آل موسى وآل هارون.

والبقية التى تركها آل موسى وهارون هى: عصا وثياب ونعلا موسى وهارون ولوحين من التوراة. فانظر بما ينصرون على الأعداء. فافهم.

وقال الحافظ بن كثير فى كتاب البداية والنهاية:كانوا ينصرون على أعدائهم بسببه وكان فيه طست من ذهب كان يغسل فيه صدور الأنبياء.

وقال الشيخ القرطبى: التابوت كان من شأنه فيما ذكر أنه أنزله على آدم فكان عنده إلى أن وصل إلى يعقوب فكان فى بنى اسرائيل يغلبون به من قاتلهم حتى عصوا فغلبوا على التابوت، غلبهم عليه العمالقة وسلبوا التابوت منهم.

وقال تعالى فى سورة يوسف ﴿اذهبوا بقميصى هذا فألقوه على وجه أبى يأت بصيرا: فما السر الذى كان فى القميص حتى أن سيدنا يوسف واثق تمام الثقة من الشفاء، هل كان دواء؟ أم سحرا؟ .. حاشى لله إنها آثار بركة سيدنا يوسف فى قميصه.

وقال تعالى فى سورة مريم على لسان سيدنا عيسى : ﴿وجعلنى مباركا أين ماكنت وأوصانى بالصلاة والزكاة مادمت حيا فإذا دققنا النظر فى هذه الآية نجد عندما تكلم عن البركة قال ﴿أين ما كنت بمعنى فى أى مكان حيا أو ميتا .. وعندما تكلم عن التكاليف الشرعية قال ﴿مادمت حيا لأن التكاليف الشرعية فى الحياة الدنيا فقط.

وعن نافع أن عبد الله بن عمر أخبرنا: أن الناس نزلوا مع رسول الله على الحجر - أرض ثمود - فاستقوا من آبارها وعجنوا به العجين، فأمرهم رسول الله أن يهريقوا ما استقوا ويعلفوا للإبل العجين وأمرهم أن يستقوا من البئر التى كانت تردها الناقة. الإمام مسلم فى كتاب الزهد وقاله النووى فى الجزء الثامن من الشرح.

فلماذا الأمر بالسقاية من البئر التى كانت تردها الناقة أليس هذا تبركا، وبمن؟ بآثار الناقة، وانظر حينما أمرهم أن يهريقوا مااستقوا من آبار أرض ثمود ويعلفوا للإبل العجين ثم يستقوا من البئر التى كانت تردها الناقة.

أى أنه يعلمنا بأن نتبرك حتى بالحيوانات التى تتبع الأنبياء وينهانا عن التبرك بمن كفر بالأنبياء مع أنهم آدميين.فافهم

وقد أورد عبد الله بن عمر فى حديث الاستسقاء بسيدنا العباس، فقال: أقبل الناس على العباس يتمسحون به ويقولون له هنيئا لك ياساقى الحرمين.

وقد قال : (وهل تنصرون وترزقون إلا بضعفائكم بدعائهم وصلاتهم وإخلاصهم) أى ببركة هؤلاء تنصرون وترزقون.

وقال : (لولا ما فى البيوت من النساء والذرارى لأمرت بالصلاة فتقام، ثم أنطلق معى رجال معهم حزم من حطب إلى قوم لا يشهدون الصلاة معنا فأحرق عليهم بيوتهم) أى أن بركة النساء والذرارى حالت دون حرق بيوتهم حتى فى إقامة الفريضة، فانظر إلى مدى أهمية التبرك.

وللحديث بقية ...

الحاج البشير