كان .. ما .. كان

سيدنا يوسف 3

 

ذهب الساقى ومعه بعض من وزراء الملك لمقابلة سيدنا يوسف، فلما أقبل الساقى على سيدنا يوسف قبّل رأسه واعتذر إليه عن نسيانه طوال هذه المدة، وأنه تذكره فى هذا اليوم وأتى مع بعض وزراء الملك كى يفتيهم فى رؤيا الملك ورواها عليه، ﴿يُوسُفُ أَيُّهَا الصِّدِّيقُ أَفْتِنَا فِى سَبْعِ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجَافٌ وَسَبْعِ سُنْبُلَاتٍ خُضْرٍ وَأُخَرَ يَابِسَاتٍ لَعَلِّى أَرْجِعُ إِلَى النَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَعْلَمُونَ﴾ يوسف 46.

فرد عليهم سيدنا يوسف ﴿قَالَ تَزْرَعُونَ سَبْعَ سِنِينَ دَأَبًا فَمَا حَصَدْتُمْ فَذَرُوهُ فِى سُنْبُلِهِ إِلَّا قَلِيلًا مِمَّا تَأْكُلُونَ﴾ يوسف 47، سيدنا يوسف أخبرهم بأن تأويل البقرة سنة زمنية، ولو كان سكت ولم يكمل فلا ملام عليه، لأنهم طلبوا معرفة ماهى البقرات، ولكنه استمر فى توضيح الرؤيا ليبين لهم ولنا مدى علمه فقال: السبع سنين الأولى ستأتى معاً وليست متفرقة وهى سنين سيعم فيها الخير ويزداد الزرع ويكثر الماء، ليس هذا فقط بل أرشدهم للحل فقال لهم: تزرعوا القمح وبعدين تتركوه فى سنابله وتخزنوه، علشان لما تيجى السبع العجاف اللى أشار إليها فى القرآن الكريم ﴿ثُمَّ يَأْتِى مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ سَبْعٌ شِدَادٌ يَأْكُلْنَ مَا قَدَّمْتُمْ لَهُنَّ إِلَّا قَلِيلًا مِمَّا تُحْصِنُونَ﴾ يوسف 48، إلى هنا تأويل الرؤيا انتهى، هم طلبوا تفسير الرؤيا فى 14 بقرة، و14 سنبلة، سيدنا يوسف زادهم ليعرفوا انهم لم يتحدثوا إلى كاهن أو مفسر من المفسرين كما نجد فى عصرنا هذا، بل تحدثوا إلى عالم بغيب يجهلونه فقال ﴿ثُمَّ يَأْتِى مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ عَامٌ فِيهِ يُغَاثُ النَّاسُ وَفِيهِ يَعْصِرُونَ﴾ يوسف 49، الناس بعد ماسمعوا الكلام ده، ذهبوا إلى الملك، وأخبروه بما قاله سيدنا يوسف فى تأويل الرؤيا التى رآها الملك، فأمرهم بإحضاره فلما ذهبوا إلى السجن وأخبروا سيدنا يوسف بطلب الملك، رفض الخروج، وقال: لا أخرج حتى تظهر براءتى بين الناس، وقال لرسول الملك ﴿ارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ فَاسْأَلْهُ مَا بَالُ النِّسْوَةِ اللَّاتِي قَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ﴾ يوسف 50، وعاد الرسول إلى الملك وأخبره بما جرى بينه وبين سيدنا يوسف وماقاله له، فأمر الملك بإحضار إمرأة العزيز والنسوة اللاتى قطعن أيديهن، وسألهن فأجبن ﴿حَاشَ للهِ مَا عَلِمْنَا عَلَيْهِ مِنْ سُوءٍ﴾ يوسف 51، وقَالَتِ امْرَأَةُ الْعَزِيزِ ﴿الْآَنَ حَصْحَصَ الْحَقُّ أَنَا رَاوَدْتُهُ عَنْ نَفْسِهِ وَإِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ يوسف 51، فلما ظهر للملك براءة سيدنا يوسف وأمانته، قال ﴿ائْتُونِى بِهِ أَسْتَخْلِصْهُ لِنَفْسِى﴾ يوسف 54، فلما جاءه رسول الملك خرج معه ودعا لأهل السجن، وكتب على بابه، هذا قبر الأحياء، وبيت الأحزان، وتجربة الأصدقاء، وشماتة الأعداء، ثم ذهب قاصداً الملك الذى أقبل عليه عندما رأه وأجلّه وأجلسه بجانبه، وتبادلا الحديث فيما بينهما عن أحواله قبل وأثناء الحبس، فلما رأى الملك منه رجاحة العقل وقوة العلم، طلب منه أن يشير عليه بشأن هذه الرؤيا، وماهى التدابير اللازمة للنجاة من هذه الكارثة، فقال له سيدنا يوسف ﴿اجْعَلْنِى عَلَى خَزَائِنِ الْأَرْضِ﴾ يوسف 55، فولاه الملك وجعل خزائنه تحت تصرفه وجعل القضاء إليه، وأطلق يده فى الحكم فأصبح أمره نافذ، فأمر الناس أن لا تزرع إلا القمح طوال السنوات السبع الأولى، وأمر بحفر حفر كبيرة لتخزين القمح فيها بعد حصاده، فى ناس قالت إنه أمر ببناء قباب أو أبنية تشبه الهرم كى يتم التخزين فيها، المهم أنه أمر بتخزين القمح وهو فى سنابله وسوقه لأن القمح لا يدخله السوس طالما فى سنابله لمدة تقرب من 8 سنوات، سبحان الله، القمح المطحون -الدقيق- لو تركته يحتفظ بصلاحيته من 7 إلى 10 أيام، وإن خزنت القمح بدون سنابل لا يفسد لمدة من 8 إلى 9 أشهر، إنما لما يكون فى سنابله يظل صالح للاستخدام لمدة من 7 إلى 8 سنوات تقريباً سيدنا يوسف علم اللى قبلنا وعلمنا كيفية تخزين القمح، سيدنا يوسف كان قال للملك عندما تبدأ سنوات القحط سوف يشعر بجوع شديد، وهذه علامة بداية أول سنة من تلك السنوات، الملك نام وأثناء الليل قام يطلب الطعام فآتوه به فأكل حتى امتلأت معدته، ولم يمضى وقت طويل حتى شعر ثانياً بالجوع الشديد فعرف أن سنوات القحط قد بدأت، الماء فى النيل قل جداً أو جف والأرض تشققت، الناس تعبوا قوى، راحوا لسيدنا يوسف اشتروا منه القمح بالفلوس أولاً إلى أن فرغت بيوتهم منها فاشتروا بما يملكون من مجوهرات وحلى، ثم بيوتهم وأملاكهم ولما لم يجدوا شئ يشترون به القمح باعوا أولادهم إلى سيدنا يوسف ثم باعوا أنفسهم إليه كى يأكلوا، سيدنا يوسف اشترى مصر بما فيها ومن فيها ...

فماذا حدث بعد ذلك ،،،

أحمد نور الدين عباس