أم المؤمنين: زينب بنت خزيمة

اسمها ولقبها :

هى زينب بنت خزيمة بن الحارث بن عبد الله بن عمرو بن عبد مناف بن هلال الهلالية أم المؤمنين زوج النبى الأمين أمها هند بنت عوف بن زهير أكرم عجوز فى الأرض أصهاراً، وأصهارها: رسول الله وأبو بكر الصديق وحمزةو العباس ابنا عبد المطلب وجعفر وعلى بن أبى طالب .

أختها لأمها ميمونة بنت الحارث الهلالية أم المؤمنين، وكانت السيدة زينب تدعى أم المساكين – فى الجاهلية - لكثرة إطعامها المساكين ورحمتها بهم، قيل: إنها كانت زوج عبد الله بن جحش فاستشهد فى غزوة أحد، وقيل: غير ذلك.

نشأتها :

نشأت زينب فى مكة، مجتمع زاخر بالفساد والانحلال، يموج بفتنة الوثنية، والانكباب على عبادة الأصنام وتقديسها، فتحت زينب عينيها على صورة هذا المجتمع بواقعه المنحرف الفاسد ونجت من الوأد لأنها من بيت عريق، فى السيادة والثراء، ودرجت فى أحضان والديها تنهل من عطفهما وحبهما.

عايشت أهم الأحداث التى جرت فى مكة، وكان محورها سيدنا محمد بن عبد الله ، من بينها إعادة بناء الكعبة، واختلاف بطون قريش وفروعها حول إعادة الحجر الأسود إلى مكانه من الركن وسمعت بحكمة الأمين وكيف حل إشكال واختلاف الناس وحقن الدماء، ببسط ردائه وإمساك رؤساء القبائل بأطراف الرداء، وكأنهم جميعا شاركوا فى رفع الحجر الأسود ونالوا الشرف العظيم.

وعندما بزغ فرج الإسلام على مكة، وشعت أنواره فوق ربوعها، ودعا سيدنا محمد بن عبد الله الناس إلى التوحيد ونبذ عبادة الأصنام، والإقلاع عن المفاسد والعيوب الاجتماعية، وإزالة الفوارق بين الناس، فالكل فى الإنسانية سواء، وأكرم الخلق أتقاهم، لا أغناهم ولا أقواهم.

عندئذ تعلق قلب زينب بالدعوة الجديدة، بعد أن كان إعجابها فى السابق ينحصر ضمن شخصية المصطفى صاحب العقل الراجح، والرأى الصائب، والحكمة البالغة، والأمين الصادق.

زواجها من الرسول :

زينب بنت خزيمة هى إحدى زوجات النبى والتى لم يمض على دخول حفصة البيت المحمدى وقت قصير حين دخلته أرملة شهيد قرشى من المهاجرين الأولين فكانت بذلك رابعة أمهات المؤمنين. ويبدو أن قصر مقامها ببيت الرسول قد صرف عنها كتاب السيرة ومؤرخى عصر المبعث فلم يصل من أخبارها سوى بضع روايات لا تسلم من تناقض واختلاف.

كان دخوله بها بعد دخوله على السيدة حفصة بنت عمر، ثم لم تلبث عنده شهرين أو ثلاثة، وقيل ثمانية أشهر.

وقال ابن الكلبى: كانت عند الطفيل بن الحارث، فطلقها، فخلف عليها أخوه عبيدة، فقتل عنها ببدر، فخطبها رسول الله إلى نفسها، فجعلت أمرها إليه، فتزوجها فى شهر رمضان سنة ثلاث، فأقامت عنده ثمانية أشهر. ويقال حيث إن الرسول تزوجها مواساة لها فيما أصابها من فقدها لأزواجها، ومكافأة لها على صلاحها وتقواها. واختلف المؤرخون فيمن كانت زوجته قبل رسول الله وقيل انها كانت زوجة عبد الله بن جحش فاستشهد فى أحد فخلفه عليها رسول الله وقال بن اسحاق فى السيرة الهاشمية انها كانت عند عبيدة بن الحارث بن عبد المطلب وكانت قبله عند جهم بن عمرو الحارث بن الهلالى وهو ابن عمها وفى الطبرى: وفى هذه السنة الرابعة تزوج رسول الله زينب بنت خزيمة من بنى هلال فى شهر رمضان وكانت قبله عند الطفيل بن الحارث فطلقها.

واختلف فيمن تولى زواجها من النبى ففى الإصابة عن ابن الكلبى: أن رسول الله خطبها إلى نفسها فجعلت أمرها إليه فتزوجها، وقال ابن هشام فى السيرة: زوَّجه إياها عمها قبيصة بن عمرو الهلالى، وأصدقها الرسول أربعمائة درهم.

واختلفوا أيضا فى المدة التى أقامتها ببيت النبى ، ففى الإصابة رواية تقول: كان دخوله بها بعد دخوله على حفصة بنت عمر ، ثم لم تلبث عنده شهرين أو ثلاثة وماتت.

ورواية أخرى عن ابن كلبى تقول: فتزوجها فى شهر رمضان سنة ثلاث، فأقامت عنده ثمانية أشهر وماتت فى ربيع الآخر سنة أربع.

وفى شذرات الذهب "وفيها- يعنى السنة الثالثة- دخل بزينب بنت خزيمة العامرية، أم المساكين، وعاشت عنده ثلاثة أشهر ثم توفيت" و ما روت عن رسول الله شيئا.

أم المساكين :

وقد اجمع المؤرخون على كرمها وعطفها الشديد على الفقراء ولا يكاد اسمها يذكر فى أى كتاب إلا مقرونا بلقبها الكريم: أم المساكين. ففى الاستيعاب والاصابة: وكان يقال لها أم المساكين لانها كانت تطعمهم وتتصدق عليهم ومثله فى تاريخ الطبرى وفى السيرة الهشامية: وكانت تسمى أم المساكين لرحمتها اياهم ورقتها عليهم وعن الزهرى قال: تزوج النبى زينب بنت خزيمة وهى أم المساكين سميت بذلك لكثرة اطعامها المساكين وهى من بنى عامر بن صعصعة.

وكانت زينب تحت تأثير عدة عوامل تميل إلى حب المساكين والضعفاء والعطف عليهم، وما من شك فى أن رؤيتها للمولى الذى عذب بسبب عدم استئذان سيده فى تناول الطعام وقد أمضّه الجوع وأضنى جسده كان لها أثر عميق فى قلبها الطيب، وفؤادها الرحيم، ونزعتها الإنسانية. فكانت كما يروى ويؤثر عنها تدخر قوتها مما تحصل عليه من نفقة، ثم توزعه على المساكين والمحتاجين حتى عرف بذلك القاصى والدانى من الناس، وشاع خبرها لدى أوساط مكة جميعاً.

وفاتـــها :

الراجح أنها ماتت فى الثلاثين من عمرها كما ذكر "الواقدى" ونقل "ابن حجر" فى الإصابة. ورقدت فى سلام كما عاشت فى سلام. وصلى عليها النبى ، ودفنها بالبقيع فى شهر ربيع الآخر – و قيل فى رمضان - سنة أربع، فكانت أول من دفن فيه من أمهات المؤمنين . وقد ماتت بعد زواجها بثمانية أشهر ولم يمت منهن- أمهات المؤمنين - فى حياته إلا غير السيدة خديجة أم المؤمنين الأولى- ومدفنها بالحجون فى مكة- والسيدة زينب بنت خزيمة الهلالية، أم المؤمنين وأم المساكين.

كرامة خاصة:

رغم قصر المدة التى قضتها السيدة زينب بنت خزيمة فى بيت الرسول الا انها قد اكرمها الله بكرامة خاصة لم تشاركها فيها اية زوجة من زوجات الرسول فقد صلى عليها رسول الله بنفسه - فقد كانت صلاة الجنازة لم تشرع بعد عندما ماتت ام المؤمنين خديجة ، وهما المرأتان اللتان ماتتا عند رسول الله - ودفنت بالبقيع و كان لها من العمر ثلاثون عاما فجزاها الله كل الخير ورضى عنها وارضاها.

 

راوية رمضان