يحاول بعض الناس أما عمدا أو جهلا أن يخدعوا أنظار المسلمبن عما كان عليه السلف الصالح ويدعون معرفتهم ويتسببون فى حيرة الناس حتى أنهم ليتسائلون:

 

 

لا تسيدونى فى الصلاة!

 

كيف نقول سيدنا لغير الله؟! ألسنا عبيد الله؟ فكيف لغيره أن يكون سيدنا؟!! ثم حتى إن إن أقررنا السيادة لغير الله وهو شرك خفى؛ فكيف نفعل ذلك فى الصلاة؟ لاتسيدوا النبى فإن فى هذا شرك ألم يقل النبى حديث "لاتسيدونى فى الصلاة"

 

بعض الناس يقول هذا الكلام ويدعى هذا الحديث على النبى بغير علم أو حجة أو كتاب مبين، ونرد على هؤلاء بالآتى:

أولاً: ما هو الشرك فى تسويد الحبيب المصطفى ؟ إن كان فى تسويد النبى نوع من أنواع الشرك لما قال المولى تبارك وتعالى فى كتابه العزبز فى الآية 39 من سورة آل عمران ﴿فَنَادَتْهُ الْمَلَائِكَةُ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّى فِى الْمِحْرَابِ أَنَّ اللهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيَى مُصَدِّقًا بِكَلِمَةٍ مِنَ اللهِ وَسَيِّدًا وَحَصُورًا وَنَبِيًّا مِنَ الصَّالِحِينَ﴾.

فكيف أن الله يقول على سيدنا يحيى أنه سيداً ويثبت له السيادة فى كتابه العزيز وبجهل الجاهلين ويُقال أن السيادة للحبيب المصطفى شرك؟ بل نحن نتعبد بتلاوة كتابه العزيز ونقرأ الآية بسيادة سيدنا يحيى، أيأمرنا الحق تبارك وتعالى بأن نتعبده بالشرك؟ هل هذا أمر يليق بأن يقوله مسلم موحد لله تعالى، نستغفر الله العظيم ألف مرة مما يدعون وسبحان الله العظيم، وإذا نظرنا من زاوية أخرى إلى هذه الآية الكريمة فنجد أن هؤلاء المنكرون يدعون أن سيادة النبى فى التشهد شرك، والتشهد هو دعاء، أما قراءة القرآن الكريم فى الصلاة أمر من أصل الصلاة بل ويأتى دائما بعد تكبيرة الإحرام للدخول فى الصلاة، فكان أول شئ نفعله بعد الدخول فى الصلاة بتكبيرة الإحرام هو تلاوة الفاتحة وجزء من سورة، فإذا كان مسموح لك أن تطلق لفظ السيادة على نبى فى الصلاة بصريح الكتاب ﴿وَسَيِّدًا وَحَصُورًا﴾ فكيف يكون إطلاق نفس اللفظ عليه فى الدعاء فى الصلاة شرك؟!! ألم ينظروا إلى هذا الأمر من هذه الزاوية؟.

 

ثانيا: أيعقل أن تكون السيادة للنبى نوع من أنواع الشرك ثم نرى فى كتب الصحاح مروى بروايات كثيرة على مختلف الرواة الثقات فتارة نراه مروى عن أبى هريرة وتارة نراه مروى عن ابن عباس وتارة عن أبى سعيد وهذا ما أورده صحيح مسلم وسنن ابن ماجه وصحيح الترمذى ومسند الإمام أحمد بن حنبل أن رسول الله قال (أنا سيد ولد آدم يوم القيامة وأول من ينشق عنه القبر وأول شافع وأول مشفع).

 

ثالثاً: ورد فى كتاب الله كثيراً من الآيات التى تتكلم عن رسول الله صلوات ربى وسلامه عليه منها ما يصفه ومنها ما يوضح لنا كيفية التخاطب معه إلى غير ذلك فكان من هذه الآيات الكريمة على سبيل المثال لا الحصر:

· الآية الرابعة من سورة القلم ﴿وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ وهو أن الله تبارك وتعالى يمتدح خلقه .

· الآية 63 من سورة النور ﴿لَا تَجْعَلُوا دُعَاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضًا فكان دعاء الرسول له خصاصة.

· الآية الثانية من سورة الحجرات ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِىِّ وَلَا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَنْ تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تَشْعُرُونَ فجاءت هذه الآية الكريمة لتعلمنا كيفية التعامل مع سيدنا رسول الله والأدب فى الحديث معه وتبين لنا خطورة من يتجاوز تلك التعاليم.

· الآية 56 من سورة الأحزاب ﴿إِنَّ اللهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِىِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا وتبين لنا هذه الآية الكريمة إظهار شرفه وتعظيم شأنه بين الخلق، وقال سيدى ابن عجيبة عن هذه الآية الكريمة ما نصه: اعلم أن الصلاة عليه هى سُلّم ومعراج الوصول إلى الله، لأن تكثير الصلاة عليه تُوجب محبته، ومحبتُه عليه الصلاة والسلام توجب محبة الله تعالى، ومحبته تعالى للعبد تجذبه إلى حضرته.

ألم يكن هذا كله أدعى الى تعظيم النبى وتوقيره والقول بسيادته، ولكن لايفهمون.

 

رابعاً وأخيراً : حديث  لاتسيدونى فى الصلاة:

ورد عن علماء الحديث المعاصرين والقدامى ولمن يفهم قواعد اللغة العربية؛ أن هذا ليس بحديث لأنه لو كان حديث لما أخطأ المعصوم أبداً وقال (لا تسيدونى) فى الصلاة بل كان يقول (لا تسودونى) فى الصلاة وهذ لم يحدث أبداً اعاذنا الله من التقول على رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم.

 

ثم كيف يتمشى هذا مع كوننا فى صلواتنا نتلوا الآية ﴿وَسَيِّدًا وَحَصُورًا وَنَبِيًّا مِنَ الصَّالِحِينَ﴾ فها نحن نقول بسيادة سيدنا يحيى فى صلاتنا، أفنمنع من القول بسيادة أفضل الخلق على الإطلاق؟ والله إن هذا شىء عجيب!!

والقرآن يقول ﴿وَأَلْفَيَا سَيِّدَهَا﴾ وصادفاً زوجها ﴿لَدَى الْبَابِ﴾ وفيه إطلاق السيد على الزوج، يقول بذلك الإمام بن عجيبه وغيره.

فثبوت السيادة لأى إنسان لا يعنى شركا بالله ولكن المارقين من الدين يريدون أن يشيعوا بين المسلمين أن الرسول الكريم مثل أى بشر ويريدون أن ينقصوا من قدره صلوات ربى وسلامه عليه مستندين إلى الآية 110 من سورة الكهف ﴿قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ﴾ ونحن نقول لهم لماذا لا تكملوا الآية؟ لماذا تقفوا عند هذه الكلمة من الآية فقط؟ فتكملة الآية نجد فيها الدلالة على تعظيمه وتوقيره وسيادته على سائر الخلق فالمولى تبارك وتعالى يقول ﴿قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَىَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ﴾ - ويمكنك أن تتطلع على شرح لها فى صفحة النبى عدد يوليو 2010 - فهل أنتم يوحى إليكم مثله ؟ هل أُسرى بكم مثله ؟ هل ترون من خلفكم كما يرى هو من خلفه ؟ هل تُعَلِّمْ أقدامكم على الصخر ولاتُعَلِّمْ على الرمال كما ثبت له هذا الامر؟ هل...؟ هل...؟ هل...؟

كفاكم افتراء على الدين وكفاكم فتاوى بغير علم، اقرأوا الشريعة وتشرعوا ولا تتطاولوا على علماء الشريعة فإذا أجاز واحد من علماء الشرع القول بسيادة النبى فى الصلاة وهو الإمام الشافعى رضوان الله عليه فعلام الجدل، هل حفظتم مثله؟ وقد أخبر عنه الحبيب وعن علمه، فقد كان إذا رأى صفحة أى وقع بصره عليها كان يحفظها عن ظهر قلب، فاتركوا التحقير والتصغير من شأن العلماء والأولياء، وعظموا حتى تمنحوا المعانى الصافية الخالصة التى لاشبهة فيها ولا لبس وصدق الإمام فخر الدين حيث يقول:

وَيَشْرَبُ مِنْ صَافِى الْمَنَاِئِح كُلُّ      مَنْ يُعَظِّمُ أَهْلَ اللهِ طَوْعًا بِقَلْبِهِ

منحنا الله تعظيمهم ومتعنا بصافى المنائح وحشرنا فى زمرتهم وصلى الله على سيدنا وعظيمنا وحبيبنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

محمد مقبول