هذه خطب ليوم الجمعة مقسمة على أسابيع الأشهر العربية مساهمة فى تتبع أحداث هذه الشهور ودعما للإخوة المكلفين بخطبة الجمعة فى البلاد النائية، وهى تصلح لأن تكون خطبا أسبوعية قائمة بذاتها، كما تصلح أن تكون نواة لتحضير خطبا أكبر، كما يمكن أن تضيف عليها من واقع أحداث البلد الذى أنت فيه.

خطب شهر أغسطس

نسخة كاملة للخطب

(الخطبة الأولى) الصوم

... أما بعد

فعند طلوع هلال رمضان المعظم من كل عام هجرى، يحمل معه الى المسلمين بالمشارق والمغارب على اختلاف ألسنتهم وألوانهم، ذكريات عظيمة تهفوا اليها نفوسهم، وتنشرح لها صدورهم، وتملك عليهم أفئدتهم وألبابهم، فيحاولون قدر استطاعتهم أن يتزودوا فى هذا الشهر الكريم بطاقات روحية، تنفعهم يوم تشهد على الناس ألسنتهم وأيديهم وأرجلهم بما كانوا يعملون، يومئذ يوفيهم الله دينهم الحق ويعلمون أن الله هو الحق المبين. 

يذكر المسلمون بمقدم رمضان المعظم أن صيامه على القادرين ركن من أركان الدين، وقد صرح بذلك القرآن المبين، بمنتصف الربع الثالث من الحزب الثالث من سورة البقرة، فى قول الله عز وجل ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ...

 

(الخطبة الثانية) بدر

... أما بعد

من أجمل ذكريات رمضان المعظم، التى يحملها الى المسلمين كل عام، نصر الله عز وجل لعباده المؤمنين فى غزوة بدر الكبرى، بمنتصف هذا الشهر الكريم، منذ ما يقرب من أربعة عشر قرنا طواها التاريخ، حين قدم أبو سفيان بن حرب بعير لقريش من الشام عليها تجارتهم، وخاف أن يعترض طريقها المسلمون عند محاذاتها للمدينة، فاستأجر ضمضم بن عمرو الغفارى وبعثه لقريش بمكة حتى تسرع لنجدته، فخرجت فى ألف رجل من صناديدها، ومعهم معداتهم الحربية، وعدل أبو سفيان بالعير الى طريق الساحل، وأرسل لقريش أن يعودوا، فقد أخذ سبيله فى أمان الى البلد الحرام، ولم يتعرض له أحد، ولكن أبا جهل قال: لا نعود حتى نرد بدرا أو نقيم مدة، ننحر الجزر ونشرب الخمر وتغنينا القيان وتحس العرب بقوتنا، ولا نخشى بعد على تجارتنا أن تبور ولا على قوافلنا فى ذهابها وايابها ...

 

(الخطبة الثالثة) الفتح

... أما بعد

فى العشرين من رمضان المعظم كان نصر الله والفتح، ودخول الناس فى دين الله أفواجا، فقد أصبح الرسول ذات يوم فجمع اليه أصحابه وأخبرهم لتدخلن المسجد الحرام ان شاء الله آمنين محلقين رءوسكم ومقصرين، وبعد مدة اجتمع شملهم وساقوا ابلهم صوب البلد الأمين يتقدمهم امام الهدى فلم يبلغوا منتصف الطريق بين مكة والمدينة حتى توالت عليهم سفراء قريش يبلغونهم أن المكيين أخذوا للحرب عدتهم فقال أشرف الورى يا ويح قريش أكلتهم الحروب ونحن ما خرجنا مقاتلين بل جئنا للبيت زائرين ولشعائر الله معظمين وتابع السير مع أصحابه الى مكان بعيد عن عيون الكافرين وطلائعهم.

وبعد حين امتنعت ناقة المصطفى عن المشى وسأله خواصه عن السر فقال انها ذلول مطواع ولكن حبسها حابس الفيل عن مكة وأرسل الى القرشيين عثمان بن عفان يخبرهم بقصده وأشيع أنهم قتلوه وأقبل المسلمون على الرسول الكريم يبايعونه على القتال تحت الشجرة ...

 

(الخطبة الرابعة) ليلة القدر

... أما بعد

قال الله تعالى ﴿انا انزلناه فى ليلة القدر وما ادراك ما ليلة القدر ليلة القدر خير من ألف شهر تنـزل الملائكة والروح فيها باذن ربهم من كل أمر سلام هى حتى مطلع الفجر القدر.

هذه احدى سور القرآن الكريم تتحدث عن حدثين هامين فى حياة الانسان، باسلوب أخاذ وعرض رائع، يسترعى الفكر للتأمل، ويستدعى العقل لمتابعة الحديث فى شغف، ومواصلة التدبر فى عمق ولهف، لينهى الى القلب خلاصة تدبره بما يملأ القلب ايمانا وحكمة هذان الحدثان هما:

أولا: انزال القرآن الكريم على فرد من أفراد الانسان أصطفاه الله لرسالته وللوساطة بينه وبين خليقته هو سيدنا محمد بن عبد الله العربى الأمى.

ثانيا: ما تزامن فى تلك الليلة التى انزل فيها القرآن من مهرجان العالم العلوى اذ الملائكة والروح يتنزلون طوال الليلة من الملأ الأعلى للحفاوة بنـزول القرآن هدى للناس وبشرى للمؤمنين ...

 

رمضان مختار