كتب السلف

لما كنا نحتاج باستمرار إلى كتب السابقين الغير محرفة، ولما كثر التحريف بفعل قلة غير مسئولة تقوم بإصدار الكتب المحرفة وطرحها فى الأسواق أو عرضها فى الشبكة العالمية للمعلومات، وسواء كان ذلك يتم بحسن نية أو بغيرها، فقد ظهرت الحاجة إلى البحث عن المصادر الصحيحة فى هذه الشبكة لكتب الصالحين وعلوم السابقين، ونحن نرشح لكم المواقع الصديقة التى تتحرى الدقة فيما تعرضه من كتب حتى تجدوا ما تحتاجونه من كتب وعلوم السابقين التى حاول البعض أن يدثروها ويغطوا عليها، ولكن يأبى الله إلا أن يتم نوره ولو كره المغرضون، وسنقوم باستعراض بعض الكتب التى أستشهد بها الإمام فخر الدين فى مؤلفاته ودروسه من هذه المواقع، وللمزيد عن تلك المواقع زوروا صفحة المكتبة من الموقع الرئيسى.

 

كتاب من المكتبة:

كتاب من مجموعة كتب التصوف فى قسم علوم الصوفية:

منهاج العابدين

كتاب منهاج العابدين إلى جنة رب العالمين لللإمام الغزالى، وهو الإمام أبو حامد محمد بن محمد بن محمد الغزالى، أحد أعظم أعلام الفكر الإسلامى فى علوم الدنيا والدين، ولد بخرسان 405 هـ ومات بها 505 هـ، وتتلمذ على إمام الحرمين الجوينى، وتعلم بجراءة فى الفكر حتى وصل إلى الشك وحتى مرض منه، ثم خرج إلى مكة وتنقل منها إلى الشام ومصر، ولزم الخلوة وتهذيب النفس وذكر الله حتى وصل إلى اليقين، وهذه هى الفترة التى فتح الله عليه فيها فصنف فيها معظم كتبه، وهو يصفها فى كتابه ’المنقذ من الضلال‘، وعدوا منها 228 كتابا غير المشكوك فى نسبها إليه، والمطبوع منها 60 كتابا فى مجالات كثيرة: التصوف والعقيدة والفقه والأصول والمنطق والفلسفة، وأهم كتبه ’المنقذ من الضلال‘ وفيه يصرح أن الحقيقة إلى جانب المتصوفة و’تهافت الفلاسفة‘ و’إحياء علوم الدين‘ و’معارج القدس‘، والكتاب الذى بين أيدينا ينسب تارة للإمام الغزالى وتارة للشيخ أبى الحسن على بن خلبل السبتى وكان عالما بالحقيقة مخمول الذكر تحدث عنه الإمام ابن عربى، وعلى أى الأحوال فالكتاب يشرح كيفية سلوك طريق الآخرة بالعبادة التى هى ثمرة العلم وطريق الأتقياء ومنهاج الجنة، والكتاب ينتفع به العامة قربة لله تعالى وأراسرار معاملات الدين، ويرتب العقبات فى طريق العبادة على سبعة عقبات: العلم والتوبة والعوائق والعوارض والبواعث والقوادح ثم الحمد والشكر، وبالتغلب عليها يكون منهاج العابدين إلى الجنة.

 

والمحقق لخص للكتاب وقدم له وعلق على معانيه من كتب المفكرين الإسلاميين الآخرين فقد ربط جيدا بينهم.

رابط الكتاب فى موقع التراث

أسرة التحرير

 

ملحوظة: لتحميل كتاب من موقع التراث؛ يتم تنزيل جميع الملفات المضغوطة (rar files) الخاصة بالكتاب ثم توضع معا فى نفس الفولدر ولا يتم تغيير أسمائها أبدا ثم بفتح أى ملف منها وعندها يمكن أن تجد الكتاب والذى يكون أما ملف واحد أو عدة ملفات من طراز (pdf) فيتم نقلها إلى خارج الملف المضغوط فى فولدر واحد أيضا ولا يتم تغيير أسمائها أبدا ثم تفتح باستعمال برنامج قراءة الأكروبات

 

 

 

مختارات من قراءات الإخوة:

من أسماء الله (الوهاب)

 الهبة هى العطية الخالية عن الأعواض والأغراض، فإذا كثرت العطايا بهذه الصفة سمى صاحبها وهابا وجوادا، ولن يتصور الجود والهبة حقيقة إلا من الله تعالى، فإنه الذى يعطى كل محتاج ما يحتاج إليه لا لعوض ولا لغرض عاجل ولا آجل، ومن وهب وله فى هبته غرض يناله عاجلا وآجلا من ثناء أو مدح أو مودة أو تخلص من مذمة أو اكتساب شرف وذكر فهو معامل معتاض وليس بوهاب ولا جواد، فليس العوض كله عينا يتناول بل كل ما ليس بحاصل ويقصد الواهب حصوله بالهبة فهو عوض، ومن وهب وجاد ليشرف أو ليثنى عليه أو لئلا يذم فهو معامل، وإنما الجواد الحق هو الذى يفيض منه الفوائد على المستفيد لا لغرض يعود إليه، بل الذى يفعل شيئا لو لم يفعل لكان يقبح به فهو بما يفعله متخلص، وذلك غرض وعوض تنبيه، لا يتصور من العبد الجود والهبة فإنه ما لم يكن الفعل أولى به من الترك لم يقدم عليه، فيكون إقدامه لغرض نفسه، ولكن الذى يبذل جميع ما يملكه حتى الروح لوجه الله عز وجل فقط لا للوصول إلى نعيم الجنة أو الحذر من عذاب النار أو لحظ عاجل أو آجل مما يعد من حظوظ البشرية فهو جدير بأن يسمى وهابا وجوادا، ودونه الذي يجود لينال نعيم الجنة، ودونه من يجود لينال حسن الأحدوثة، وكل من لم يطلب عوضا يتناول سمى جوادا عند من يظن أن لا عوض إلا الأعيان، فإن قلت فالذى يجود بكل ما يملكه خالصا لوجه الله تعالى من غير توقع حظ عاجل أو آجل كيف لا يكون جوادا ولا حظ له أصلا فيه، فنقول حظه هو الله تعالى ورضاؤه ولقاؤه والوصول إليه، وذلك هو السعادة التى يكتسبها الإنسان بأفعاله الاختيارية، وهو الحظ الذى تستحقر سائر الحظوظ في مقابلته، فإن قلت فما معنى قولهم إن العارف بالله تعالى هو الذى يعبد الله عز وجل خالصا لله لا لحظ وراءه، فإن كان لا يخلو فعل العبد عن حظ فما الفرق بين من يعبد الله تعالى لله خالصا وبين من يعبده لحظ من الحظوظ، فاعلم أن الحظ عبارة عند الجماهير عن الأغراض أو الأعواض المشهورة عندهم ومن تنزه عنها ولم يبق له مقصد إلا الله تعالى فيقال إنه قد برئ من الحظوظ، أى عما يعده الناس حظا، وهو كقولهم إن العبد يراعى سيده لا لسيده ولكن لحظ يناله من سيده من نعمة أو إكرام، والسيد يراعى عبده لا لعبده ولكن لحظ يناله منه بخدمته، وأما الوالد فإنه يراعى ولده لذاته لا لحظ يناله منه، بل لو لم يكن منه حظ أصلا لكان معنيا بمراعاته، ومن طلب شيئا لغيره لا لذاته فكأنه لم يطلبه، فإنه ليس غاية طلبه بل غاية طلب غيره، كمن يطلب الذهب فإنه لا يطلبه لذاته بل ليتوصل به إلى المطعم والملبس، والمطعم والملبس لا يرادان لذاتهما بل للتوصل بهما إلى جلب اللذة ودفع الألم، واللذة تراد لذاتها لا لغاية أخرى وراءها، وكذا دفع الألم، فيكون الذهب واسطة إلى الطعام، والطعام واسطة إلى اللذة، واللذة هى الغاية وليست واسطة إلى غيرها، وكذلك الولد ليس واسطة فى حق الوالد بل مطلوبه سلامة الولد لذات الولد لأن عين الولد حظه، فكذلك من يعبد الله عز وجل للجنة، فقد جعل الله سبحانه وتعالى واسطة طلبه ولم يجعله غاية مطلبه، وعلامة الواسطة أنه لو حصلت الفائدة دونها لم تطلب، كما لو حصلت المقاصد دون الذهب لم يكن الذهب محبوبا ولا مطلوبا، فالمحبوب بالحقيقة الغاية المطلوبة دون الذهب، ولو حصلت الجنة لمن يعبد الله لأجلها دون عبادة الله عز وجل لما عبد الله، فمحبوبه ومطلوبه الجنة إذا لا غير، وأما من لم يكن له محبوب سوى الله عز وجل ولا مطلوب سواه بل حظه الابتهاج بلقاء الله تعالى والقرب منه والمرافقة مع الملأ الأعلى المقربين من حضرته فيقال إنه يعبد الله تعالى لله، لا على معنى أنه غير طالب للحظ بل على معنى أن الله عز وجل هو حظه وليس يبغي وراءه حظا، ومن لم يؤمن بلذة البهجة بلقاء الله عز وجل ومعرفته والمشاهدة له والقرب منه لم يشتق إليه، ومن لم يشتق إليه لم يتصور أن يكون ذلك من حظه، فلم يتصور أن يكون ذلك مقصده أصلا، فلذلك لا يكون فى عبادة الله تعالى إلا كالأجير السوء لا يعمل إلا بأجرة طمع فيها، وأكثر الخلق لم يذوقوا هذه اللذة ولم يعرفوها ولا يفهمون لذة النظر إلى وجه الله عز وجل، وإنما إيمانهم بذلك من حيث النطق باللسان، فأما بواطنهم فإنها مائلة إلى التلذذ بلقاء الحور العين ومصدقة به فقط، فافهم من هذا أن البراءة من الحظوظ محال إن كنت تجيز أن يكون الله تعالى أى لقاءه والقرب منه مما يسمى حظا، وإن كان الحظ عبارة عما يعرفه الجماهير وتميل إليه قلوبهم فليس هذا حظا، وإن كان عبارة عما حصوله أوفى من عدمه فى حق العبد فهو حظ.

من كتاب المقصد الأسنى للإمام أبو حامد الغزالى

سامر الليل