يحاول بعض الناس أما عمدا أو جهلا أن يخدعوا أنظار المسلمبن عما كان عليه السلف الصالح ويدعون معرفتهم ويتسببون فى حيرة الناس حتى أنهم ليتسائلون:

 

حجر لا يضر ولا ينفع

يكاد يتفق بعض الناس فى روايتهم لقصة سيدنا عمر بن الخطاب والحجر الأسود ويستدلون به فى عدم جواز التبرك فيذكرون جزء فقط من الحديث وهو عن أبى سعيد الخدرى : ’حججنا مع عمر بن الخطاب فلما دخل الطواف استقبل الحجر فقال: إنى أعلم أنك حجر لا تضر ولا تنفع ولولا أنى رأيت رسول الله قبلك ما قبلتك‘ ويقفون عند هذا فقط دون ذكر باقى القصة وفيما يلى نعرض للقصة كاملة بعدة روايات ومصادر مختلفة:

من كتاب [المستدرك على الصحيحين-للنيسابورى]

1682 - أخبرنا أبو محمد عبد الله [بسنده] عن أبى سعيد الخدرى قال: ’حججنا مع عمر بن الخطاب فلما دخل الطواف استقبل الحجر فقال: إنى أعلم أنك حجر لا تضر ولا تنفع ولولا أنى رأيت رسول الله قبلك ما قبلتك. ثم قبله فقال له على بن أبى طالب: بلى يا أمير المؤمنين إنه يضر وينفع قال: ثم قال: بكتاب الله تبارك وتعالى قال: وأين ذلك من كتاب الله؟ قال: قال الله عز وجل: ﴿و إذ أخذ ربك من بنى آدم من ظهورهم ذريتهم وأشهدهم على أنفسهم ألست بربكم قالوا: بلى﴾ خلق الله آدم ومسح على ظهره فقررهم بأنه الرب وأنهم العبيد وأخذ عهودهم ومواثيقهم و كتب ذلك فى رق وكان لهذا الحجر عينان ولسان فقال له: افتح فاك قال: ففتح فاه فألقمه ذلك الرق وقال اشهد لمن وافاك بالموافاة يوم القيامة وإنى أشهد لسمعت رسول الله يقول: (يؤتى يوم القيامة بالحجر الأسود وله لسان ذلق يشهد لمن يستلمه بالتوحيد) فهو يا أمير المؤمنين يضر وينفع فقال عمر: أعوذ بالله أن أعيش فى قوم لست فيهم يا أبا حسن‘

من كتاب [إحياء علوم الدين للامام ابو حامد الغزالى-كتاب اسرار الحج] وكتاب [قوت القلوب–لأبى طالب المكى]

وفى الخبر ‏أن الحجر الأسود ياقوتة من يواقيت الجنة وانه يبعث يوم القيامة له عينان ولسان ينطق به يشهد لكل من استلمه بحق وصدق‏.‏ وكان يقبله كثيراً وروى انه سجد عليه وكان يطوف على الراحلة فيضع المحجن عليه ثم يقبل طرف المحجن، وقبله عمر ثم قال: إنى لأعلم أنك حجر لا تضر ولا تنفع ولولا أنى رأيت رسول الله يقبلك ما قبلتك. ثم بكى حتى علا نشيجه فالتفت إلى ورائه فرأى عليا و فقال: يا أبا الحسن ههنا تسكب العبرات وتستجاب الدعوات فقال على : يا أمير المؤمنين بل هو يضر وينفع. قال: وكيف؟ قال: إن الله تعالى لما أخذ الميثاق على الذرية كتب عليهم كتابا ثم ألقمه هذا الحجر فهو يشهد للمؤمن بالوفاء ويشهد على الكافر بالجحود. أخرجه الشيخان دون الزيادة التى رواها على، ورواه بتلك الزيادة الحاكم وقال ليس من شرط الشيخين.

قيل فذلك هو معنى قول الناس عند الاستلام: اللهم إيمانا بك وتصديقا بكتابك ووفاء بعهدك‘

من كتاب [الحاوى فى فقه الشافعى–للماوردى] باب: مَسْأَلَةٌ إِذَا أَرَادَ الطَّوَافَ فَيَجِبُ أَنْ يَبْتَدِئَ بِالْحَجَرِ الأَسْوَدِ:

... وَدَلِيلُنَا رِوَايَةُ مُحَمَّدِ بْنِ عَوْفٍ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: اسْتَقْبَلَ رَسُولُ اللَّهِ الْحَجَرَ، فَاسْتَلَمَهُ فِى وَضْعِ شَفَتَيْهِ عَلَيْهِ يَبْكِى طَوِيلا، فَالْتَفَتَ فَإِذَا هُوَ بِعُمَرَ يَبْكِى، فَقَالَ: هَا هُنَا تُسْكَبُ الْعَبَرَاتُ. وَرَوَى ابْنُ شِهَابٍ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ قَبَّلَ الْحَجَرِ وَقَالَ: وَاللَّهِ إِنِّى لأَعْلَمُ أَنَّكَ حَجَرٌ لا تَضُرُّ وَلَا تَنْفَعُ وَلَوْلا أَنِّى رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ يُقَبِّلُكَ مَا قَبَّلْتُكَ. فَقَالَ عَلِى بْنُ أَبِى طَالِبٍ: أَمَا إِنَّهُ يَنْفَعُ وَيَضُرُّ، سَمِعْتُ النَّبِى يَقُولُ: إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى لَمَّا أَخَذَ الْعَهْدَ عَلَى آدَمَ وَذُرِّيَّتِهِ، أَوْدَعَهُ فِى رِقٍّ وَفِى هَذَا الْحَجَرِ، فَهُوَ يَشْهَدُ لِمَنْ وَافَاهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ. فَقَالَ عُمَرُ: لا أَحْيَانِى اللَّهُ لِمُعْضِلَةٍ لا يَكُونُ لَهَا ابْنُ أَبِى طَالِبٍ حَيًّا. قَالَ الشَّافِعِى: وَيُقَبَّلُ الْحَجَرُ بِلا تَصْوِيتٍ وَلا تَطْنِينٍ هَكَذَا السُّنَّةُ فِيهِ.

من كتاب [مفاتيح الغيب-للإمام فخر الدين الرازى]

وعن ابن عباس قال : (ليأتين هذا الحجر يوم القيامة له عينان يبصر بهما ولسان ينطق به، يشهد على من استلمه بحق). وروى عن عمر بن الخطاب أنه انتهى إلى الحجر الأسود فقال: إنى لأقبلك وإنى لأعلم أنك حجر، لا تضر ولا تنفع، ولولا أنى رأيت رسول الله يقبلك ما قبلتك. أخرجاه فى الصحيح.

من كتاب [الدر المنثور فى التفسير بالمأثور-لسيدى جلال الدين السيوطى]

وأخرج أحمد والترمذى وحسنه وابن ماجه وابن خزيمة وابن حبان وابن مردويه والبيهقى فى شعب الإيمان عن ابن عباس عن النبى قال: (إن الله يبعث الركن الأسود له عينان يبصر بهما ولسان ينطق به يشهد لمن استلمه بحق).

وأخرج الأزرقى عن سلمان الفارسى قال: الركن من حجارة الجنة أما والذى نفس سلمان بيده ليجيئن يوم القيامة له عينان ولسان وشفتان يشهد لمن استلمه بالحق.

من كتاب [سنن ابن ماجه–باب استلام الحجر]

حَدَّثَنَا سُوَيْدُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحِيمِ الرَّازِىُّ عَنِ ابْنِ خُثَيْمٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ يَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ : (لَيَأْتِيَنَّ هَذَا الْحَجَرُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَهُ عَيْنَانِ يُبْصِرُ بِهِمَا وَلِسَانٌ يَنْطِقُ بِهِ يَشْهَدُ عَلَى مَنْ يَسْتَلِمُهُ بِحَقٍّ).

من كتاب [حاشية العدوى على شرح كفاية الطالب الربانى-لعَلِى أَبُو الْحَسَنِ الْمَالِكِىُّ]

وَقِيلَ: إنَّ عَلِيًّا قَالَ لِعُمَرَ : بَلْ هُوَ يَضُرُّ وَيَنْفَعُ قَالَ لَهُ: وَكَيْفَ ذَلِكَ؟ قَالَ: إنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَمَّا أَخَذَ الْمِيثَاقَ عَلَى الذُّرِّيَّةِ، كَتَبَ كِتَابًا وَأَلْقَمَهُ هَذَا الْحَجَرَ فَهُوَ يَشْهَدُ لِلْمُؤْمِنِينَ بِالْوَفَاءِ وَعَلَى الْكَافِرِينَ بِالْجُحُودِ‘ انْتَهَى.

وَقَوْلُهُ: ذَلَقٌ بِالذَّالِ الْمُعْجَمَةِ طَلْقٌ كَذَا بِخَطِّ بَعْضِ الْفُضَلَاءِ. وَفِى عِبَارَةٍ أَى حَدِيدٌ بَلِيغٌ.

وَوَرَدَ أَنَّ عُمَرَ قَالَ لِعَلِى: أَعُوذُ بِاَللَّهِ أَنْ أَعِيشَ فِى قَوْمٍ لَسْت فِيهِمْ يَا أَبَا الْحَسَنِ.

سيد حسينى

 

التبرك بالتقبيل والتمسح

وعن جواز التبرك بتقبيل اليد فقد جاء فى كتاب (الرخصة فى تقبيل اليد) لأبى بكر المقرى الآتى:

كان عمر بن الخطاب لا يدع يد أنس حتى يقبلها ويقول يد مست يد رسول الله .

وكان أبو عبيدة إذا لقى عمر بن الخطاب لا يدعه حتى يقبل يده.

وقبل معاذ بن جبل يد سيدنا عبد الله بن العباس وقال: هكذا أمرنا رسول الله أن نفعل مع أهل بيته.

وأخرج البخارى فى الأدب عن عبد الرحمن بن رزين قال: مررنا بالربذة فقيل لنا: ههنا سلمة بن الأكوع ، فأتينا فسلمنا عليه فأخرج يديه فقال: بايعت بهاتين نبى الله ، فأخرج له كفا ضخمة كأنها كف بعير، فقمنا إليها فقبلناها.

وأخرج ابن سعد عن عبد الرحمن بن زيد العراقى نحوه.

وأخرج البخارى فى الأدب عن ابن جدعان قال ثابت لأنس : أمسست النبى بيدك ؟ قال: نعم، فقبلها.

وأخرج البخارى فى الأدب أيضا عن صهيب قال: رأيت عليا يقبل يد العباس ورجليه.

وعن يحيى بن الحارث الذمارى قال: لقيت وائلة بن الأسقع t فقلت: بايعت بيدك هذه رسول الله ؟ فقال: نعم، قلت: أعطنى يدك أقبلها، فأعطانيها فقبلتها. رواه الهيثمى.

وعن ثابت قال:

كنت إذا أتيت أنسا يخبر بمكانى فأدخل عليه وآخذ يديه وأقبلهما وأقول:

بأبى هاتين اليدين اللتين مستا رسول الله وأقبل عينيه وأقول: بأبى هاتين العينين اللتين رأتا رسول الله . ذكره الحافظ بن حجر فى المطالب العالية وقاله الهيثمى ورواه أبو يعلى وكذا فى مجمع الزوائد.

وقد أورد ابن كثير فى تفسير قوله تعالى ﴿واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى كانت آثار قدميه ظاهرة فيه ولم يزل هذا معروفا تعرفه العرب ولهذا قال أبوطالب فى قصيدته اللامية:

وموطىء ابراهيم فى الصخر رطبة    على قدميه حافيا غير ناعل

وأورد حديثا عن عبد الله بن وهب أخبرنى يونس بن زيد عن بن شهاب أن أنس بن مالك حدثهم قال: رأيت المقام فيه أصابعه وأخمص قدميه غير أنه أذهبه مسح الناس بأيديهم.

وقال : (مسح الحجر والركن اليمانى يحطان الخطايا حطا) أخرجه الديلمى والمناوى فى كنوز الحقائق.

وهذا هو الصحابى الجليل أبو أيوب الأنصارى ذهب إلى قبر النبى زائرا فقبل القبر ومسح خديه بجنباته فأخذه مروان بن الحكم من رقبته وقال له: أتدرى ماذا تصنع؟ فقال أبو أيوب: جئت رسول الله ولم آت الطين ولا اللبن، ثم قال: لا تحزنوا على الدين إذا وليه أهله بل احزنوا عليه إذا وليه غير أهله.

وأخرج الحاكم فى المستدرك: أن النبى كان يطوف على راحلة فيضع المحجن - عصا منحنية الرأس - على الحجر ثم يقبل طرف المحجن. من كتاب إحياء علوم الدين للإمام الغزالى.

وذكر الحافظ بن عساكر والحافظ عبد الغنى المقدسى الحنبلى أن رسول الله أتى بلالا فى منامه حينما كان بالشام فى ضيافة معاوية وقال له: (أوحشتنا يا بلال ...) فانتبه حزينا وركب راحلته قاصدا المدينة فأتى قبر النبى فجعل يبكى ويمرغ وجهه على القبر ويقول: أوحشتنى يا رسول الله. 

وللحديث بقية ...

الحاج البشير