نشرنا فى صفحات القواطع عن موضوع القواطع عن المهيمن من كتاب المرشد الوجيز، وها نحن فى هذا الباب نستكمل الموضوع بجوانب أخرى تكمله حتى تعم الفائدة:

 

 

الصراط المستقيم

 

شوف ياعم ... المرة دى مش حتكلم، حسمع بس، اتكلم انت براحتك فى اللى انت عاوز تتكلم فيه، أيوه ... اتكلم بقى ... عن الحقيقة، فنظر إلىّ فى استغراب، ثم قال: أتكلم فى اللى أنا عاوزه إزاى؟ وانت بتقول اتكلم فى الحقيقة ... وبعدين إحنا خلصنا موضوع الشريعة؟ فقلت: لأ ... بس بينى وبينك، أنا خايف ... أيوه خايف مستغرب ليه؟ أنا خايف من الكلام اللى حتقوله بعد كده، حاسس كده إن الواحد حيطلع يامولاى كما خلقتنى، بالنسبة للشريعة، وأمور المنظرة اللى ماشى بيها تطلع فشنك، علشان كده قلت تتكلم عن الحقيقة، يمكن نلاقى مخرج أو عذر ... شكلك كده بيقول مافيش فايدة من كلامى، خلاص ياسيدى كمل كلامك عن الشريعة، وزى ماتيجى تيجى، ووضع يده على رأسه يهرش فيها وكأنه ينشطها كى يتذكر ماقيل قبل هذا الحديث، وسكت فترة، فقلت فى نفسى: أحسن ... يارب ينسى ...، ولكنه قال فجاءة: اسمع ... لو أنت رايح إلى مكان قريب أو بعيد بتستخدم إيه علشان توصل لهذا المكان؟ فقلت: لو المكان قريب يبقى مش حتكلف حاجة، حاستخدم رجلين وإن كان بعيد يبقى حركب أتوبيس أو أى وسيلة مواصلات أخرى زى ... فقاطعنى صائحاً: أيوه وسيلة ... وسيلة مواصلات ... كلام سليم، يعنى أى شئ محتاج إلى وسيلة للوصول إليه ... صح؟ فقلت: لأ مش صح ... لو مشوار قريب أنا حامشى برجلى، فرد قائلاً: ورجلك دى مش وسيلة للمواصلات، بمعنى أنها نقلت بقية جسدك كله إلى المكان اللى عاوزه، ربنا سبحانه وتعالى خلق لنا الخمس حواس وجعلها وسائل مثال هل تعرف طعم الأكل أو الشرب من غير ماتختبره بلسانك؟ السمع مش وسيلة لمعرفة مايقال؟ اللمس مش وسيلة لمعرفة الأشياء صلبة أو لينة أو سخنة أو باردة؟ النظر مش وسيلة ما ترى من الأشياء حولك؟ الشم مش وسيلة لمعرفة والتفرقة بين الروائح العطرة الجميلة وبين الروائح الكريهة؟ وربنا خلق لنا العقل وهو من أرقى وسائل الإدراك، فلولا هذه الوسيلة ما أدركت على سبيل المثال كيف تأكل باستخدام اليد، وإلا كنا كالبهائم نشرب كما يشربون ونأكل كما يأكلون، وأحسست بأن أحداً ما أمسك بكتفى، وهزنى بشدة، فأخرج من رأسى تراب كثير كان يملؤها، وصحت قائلاً: الله ... الله ... ما الكلام ده صح، وقدام عين الواحد على طول ... طيب بننكر ليه الوسيلة؟ فرد قائلاً: الحمد لله ... يبقى اتفقنا على أن كل شئ للوصول إليه لازم وسيلة ... صح؟ فهززت رأسى بالموافقة، وأنا فى حالة ذهول تام، فأكمل كلامه: دا ربنا سبحانه وتعالى جعل بيننا وبينه وسيلة ... أيوه ... الأنبياء والرسل وسيلة إلى الله، فقلت: والعبادة مش وسيلة إلى الله؟ فقال: انت واثق ان عبادتك وعبادة البشر مقبولة عند الله؟ دا أولاً، ثانياً انت واثق ان عبادتك خالصة لوجه الله، فقلت: لأ، فقال: يبقى إزاى تكون وسيلة إلى الله، والله طيب يحب كل طيب ... مش كده؟ ونظر إلىّ فلم أنطق بكلمه، فأكمل حديثه ... ألم يقل سيدنا رسول الله (أنا أعرفكم بالله وأنا أخوفكم منه)، يبقى إذا كنت لا تعرف الله، فتعرف على من يعرف الله، وإن كنت لا تعرف من يعرف الله، فتعرف ... وهكذا شوف انت فين من دول وتعرف على من هو أعلى منك معرفة فيهم، علشان كده ربنا سبحانه وتعالى أرشدنا أن نقول فى سورة الفاتحة ﴿اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ﴾ صراط مين؟ ﴿صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ﴾ اللى هم مين؟ عاوز تعرفهم تروح لسورة النساء الآية رقم 69، انت عارف الآية بتقول إيه؟ فقلت: أيوه ... ومن يطع ... فقاطعنى قائلاً: لأ ياأخى ومن يعبد، فقلت: لأ ومن يطع أنا حافظ الآية دى كويس، هات مصحف ونقرأها فيه، فقال: لأ ... أنا مصدقك، بس عاوز ألفت نظرك لحاجة بسيطة قوى، الآية بتقول ﴿وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا﴾ هم دول أصحاب الصراط، هم دول اللى لازم تعرفهم وتمشى وراهم، ... ليه؟ علشان الناس دى حتعلمك العبادة الصح، يبقى هم إيه؟ وسيلة ... أو لأ؟ فقلت: لى سؤال يمكن يكون فيه غباء شوية ... بس أنا عاوز أفهم، الصراط ده مش فى الآخرة، لما الناس تعدى عليه؟ فرد قائلاً: يا أخى غريبة إن ده ما واضح، انت مش بتقول بتقرأ المصحف يومياً، ماشفتش الآية 153 فى سورة الأنعام يتقول إيه ... ﴿وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِى مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ﴾ يبقى الصراط فين دنيا أو آخرة؟ فيه دليل تانى على أن الصراط المستقيم ده فى الدنيا لما ربنا سبحانه وتعالى قال لإبليس اللعين ﴿إِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ﴾ الأعراف 15، فرح اللعين قوى ... وقال كلام ... الكلام ده مذكور فى سورة الأعراف الآيات رقم 16، 17 ﴿قَالَ فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ • ثُمَّ لَآَتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَنْ شَمَائِلِهِمْ وَلَا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ﴾ معلش برضه لى سؤال غبى شوية ... هو إبليس شغال فى الآخرة؟ فقلت بصوت منخفض لأ فى الدنيا، فرد قائلاً: إيه مش سامع كويس، فقلت: خلاص ياعم ... كمل كلامك عرفنا ان لكل شئ وسيلة ... وبعدين؟ فقال: يبقى إحنا لازم نعرف شريعة صح لأنها الوسيلة إلى الحقيقة ... بس خللى بالك أنا مش باقولك روح ادرس فقه شريعة علشان تعرف الشريعة ... لأ ... أنا عاوزك تعرف المطلوب منك فى الشريعة وتعمله، إيه المفروض عليك وإيه اللى مش مفروض، إيه اساس العبادة؟ أوضّح أكثر، إيه هى الأمَارة اللى بتدل على أنك عبد؟ وسَكَت لأنى لم أعرف الجواب، فقال: الطاعة هى الأساس، علشان كده ربنا سبحانه وتعالى قال ﴿أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ﴾ النور 54، سؤال تانى بس مش غبى ... إزاى نطيع الله؟ فقلت: بتنفيذ الأوامر بتاعته فقال: طيب ... والأوامر دى فين؟ فقلت: فى القرآن الكريم طبعاً ... فرد قائلاً كويس قوى ... والقرآن نزل على مين؟ فقلت فى سخرية: إيه الأسئلة الهايفة اللى بتقولها دى؟ فقال: معلش استحمل هيافتى وجاوبنى، فقلت: نزل على سيدنا محمد هو اللى قالوا لنا ... تحب أقولك السيرة النبوية كلها، فضحك وقال: لأ ... كفاية قوى اللى انت قلته إن القرآن نزل على سيدنا النبى وهو اللى بلغنا به ... مش كده؟ فقلت وأنا فى حالة زهق من إعادة الكلام والتطويل فيه: أيوه ياسيدى ... كده صح وبعدين ... لخص بقى ...، فرد قائلاً: يعنى الأوامر اللى أمرنا ربنا بطاعته فيها جاءت على لسان سيدنا رسول الله أو بمعنى آخر وكأن سبحانه وتعالى يقول لنا إن طاعته فيما أبلغنا به رسوله ... مظبوط؟ فاعتدلت فى جلستى ونظرت إليه قبل أن أجيبه، فلقد أحسست بأن هناك شئ يريد أن يوصلنى إليه بطريق غير مباشر أو مباشر ويمهد له فقلت: أيوه ... مظبوط فقال: يعنى إحنا المسلمين من أيام الصحابة إلى مايشاء الله خدنا القرآن والسنة من مصدر واحد هو قول سيدنا رسول الله ، وهو اللى قال الكلام ده آيات أو قرآن أو كلام المولى ، أو قال الكلام ده كلامى ... يبقى هو اللى فرق بين كلام الله وكلامه هو ولولا كده ماكناش عرفنا القرآن من كلامه، مش كده؟ وهو اللى قال لنا الصح فين وازاى نعمله والغلط فين وإزاى نتجنبه، وربنا سبحانه وتعالى أوضح الأمر كله بقوله ﴿وَمَا آَتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا﴾ الحشر 7، ... فهمت الموضع ده؟

 

أحمد نور الدين عباس