كتب السلف

لما كنا نحتاج باستمرار إلى كتب السابقين الغير محرفة، ولما كثر التحريف بفعل قلة غير مسئولة تقوم بإصدار الكتب المحرفة وطرحها فى الأسواق أو عرضها فى الشبكة العالمية للمعلومات، وسواء كان ذلك يتم بحسن نية أو بغيرها، فقد ظهرت الحاجة إلى البحث عن المصادر الصحيحة فى هذه الشبكة لكتب الصالحين وعلوم السابقين، ونحن نرشح لكم المواقع الصديقة التى تتحرى الدقة فيما تعرضه من كتب حتى تجدوا ما تحتاجونه من كتب وعلوم السابقين التى حاول البعض أن يدثروها ويغطوا عليها، ولكن يأبى الله إلا أن يتم نوره ولو كره المغرضون، وسنقوم باستعراض بعض الكتب التى أستشهد بها الإمام فخر الدين فى مؤلفاته ودروسه من هذه المواقع، وللمزيد عن تلك المواقع زوروا صفحة المكتبة من الموقع الرئيسى.

 

كتاب من المكتبة:

كتاب للإمام الترمذى:

سنن الترمذى

 

سنن الترمذى أو الجامع الصحيح - من الصحاح الستة - للإمام محمد بن عيسى بن سَوْرة بن موسى بن الضحاك الشهير بأبو عيسى الترمذى المتوفى 279 هـ، وقد كان الإمام الترمذى من أساتذة فن تعليل الحديث وترجيح رواياته، فكان كتابه معلما لهذا الفن تعليما عمليا، وقد اعتمد المحقق على سبع نسخ من المخطوطات والمطبوعات وأشار إلى ذلك فى الحواشى، وبعض هذه المطبوعات مصححة على رواتها متسلسلا عن الإمام الترمذى، وقد بذل المحقق جهدا كبيرا فى مطابقة هذه النسخ والمخطوطات وقام بشرح متوسط للأحاديث فيها وكان أشد انتباها لعدم إدخال فيها ما ليس منها.

رابط كتاب سنن الترمذى فى موقع التراث

 

أسرة التحرير

 

ملحوظة: لتحميل كتاب من موقع التراث؛ يتم تنزيل جميع الملفات المضغوطة (rar files) الخاصة بالكتاب ثم توضع معا فى نفس الفولدر ولا يتم تغيير أسمائها أبدا ثم بفتح أى ملف منها وعندها يمكن أن تجد الكتاب والذى يكون أما ملف واحد أو عدة ملفات من طراز (pdf) فيتم نقلها إلى خارج الملف المضغوط فى فولدر واحد أيضا ولا يتم تغيير أسمائها أبدا ثم تفتح باستعمال برنامج قراءة الأكروبات

 

 

 

أماجد العلماء

الحمد لله الذى اختص العلماء بوراثه الانبياء والتخلق باخلاقهم وجعلهم القدوة للكافة، فقد ضل كثير من الناس وابتعدوا عن هدى الحبيب عندما تركوا الاخذ عن اكابر علماء هذه الامة وادمنوا الاخذ من الأصاغر ففارقوا ما كان عليه سلفهم الصالح وما استقرت عليه أمة المسلمين عقودا وقرونا.

قال (لازال الناس بخير ما اخذوا العلم عن أكابرهم، فاذا اخذوا العلم عن أصاغرهم هلكوا)، وقال (إن هذا الدين علم، فانظروا عمن تاخذون)، وقال (إذا قبض العلماء اتخذ الناس رؤوسا جهالا فسُئلوا فافتوا بغير علم فضلوا واضلوا، ولا حول ولا قوه الا بالله).

ويقول الإمام فخر الدين محمد عثمان عبده البرهانى :

ولإن سُئلتم ما الكتاب فانه     مما رواه أماجد الأعلام

 والمجمع عليه عند السادة العلماء ان الواحد منهم لا ينتقص كلام سيدنا رسول الله  ولا يحكم بوضعه ولا يضعفه ولايقدح فيه الا اذا كان فى يده سند من آيات كتاب الله او سنة نبيه عليه افضل الصلاة وأزكى السلام, ومنذ بداية القرن الأول الهجرى والثانى والثالث والرابع وحتى يومنا هذا تولى ساداتنا من اماجد العلماء رضوان الله عليهم الحفاظ على تراث ديننا الحنيف كما احب واراد فكانت الاحاديث الصحيحة والتفاسير الصادقة واحداث التاريخ من بداية الرسالة المحمدية مع تسلسلها التاريخى إلى يومنا هذا محفوظة ومسندة بكل أمانة وصدق، ومن هؤلاء السادة العلماء الأجلاء ومع سيرته الطيبة كان

 

الإمام الترمذى

 

هو أبو عيسى محمد بن عيسى بن سورة بن موسى بن الضحاك السلمى البوغى الترمذى الضرير. ولد سنة 209 هـ فى قرية بوغ أو فى بلدة ترمذ وقد نقل عن الترمذى أنه قال"كان جدى مروزيا فى أيام ليث بن سيار ثم انتقل منه إلى ترمذ" وقد تكون نسبته إلى بوغ أنه سكن هذه القرية إلى أن توفى، وبوغ قرية من قرى ترمذ والتى هى مدينة مشهورة على طرف نهر بلخ الذى يقال له جيحون.

شيوخه:

وقد أدرك الترمذى كثير من قدماء الشيوخ وسمع منهم وكان عصره عصر النهضة العلمية العظيمة فى علوم الحديث، وهى نهضة أحياها وكانت له اليد الطولى فيها الإمام محمد بن إدريس الشافعى ناصر الحديث، فقد علم الناس عامة وأهل العراق ثم مصر خاصة معنى الاحتجاج بالسنة ومعنى العمل بها مع القرآن وحدد لذلك الأصول وحررها، وأقام الحجة على مناظريه بوجوب الأخذ بالحديث وأفحمهم، ولذلك ترى الأئمة أصحاب الكتب الستة نبغوا فى الطبقة التالية لعصر الشافعى مباشرة، وإن لم يدركوه رؤية وسماعا، لتقدم موته، ولكنهم أدركوا أقرانه وومعاصريه ومناظريه وكبار تلاميذه ومنهم البخارى (194-256هـ) ومسلم (204-261هـ) والترمذى (209-279هـ) وأبو داود (202-275هـ) والنسائى (215-303هـ) وابن ماجه (209-273هـ). ووقد روى هؤلاء عن شيوخ كثيرين وولكنهم اشتركوا فى هؤلاء التسعة: محمد بن بشار: بندار، ومحمد بن المثنى أبو موسى، وزياد بن يحيى الحسانى، وعباس بن عبد العظيم العنبرى، وأبو سعيد بن الأشج: عبد الله بن سعيد الكندى، أبو حفص عمرو بن على الفلاس، يعقوب بن إبراهيم الدورقى، محمد بن معمر القيسى البحرانى، نصر بن على الجهضمى.

وقد أدرك الترمذى شيوخا أقدم من هؤلاء وسمع منهم وروى عنهم زمنهم: عبد الله بن معاوية الجمحى، وعلى بن حجر المروزى، سويد بن نصر بن سويد المروزى، قتيبة بن سعيد الثقفى أبو رجاء، أبو مصعب أحمد بن أبى بكر الزهرى المدنى، محمد بن عبد الملك بن أبى الشوارب، إبراهيم بن عبد الله بن حاتم الهروى، إسماعيل بن موسى الفزارى الهدى. وكثير منهم من شيوخ البخارى والترمذى نفسه تلميذ وخريج البخارى وعنه أخذ علم الحديث وتفقه فيه وتمرن على يديه وسأله واستفاد منه وناظره فوافقه وخالفه كعادة هؤلاء العلماء فى اتباع الحق حيث كان، وفى إنكار التقليد والإعراض عنه، ومن ذلك حديث حدث فيه اختلاف فى الرواة فسأل عنه الحافظ الدارمى ويسأل عنه البخارى فلا يرجحون أى الروايات ثم يعرض البخارى أحد الروايات فى صحيحه فلا يتبعه الترمذى ويرجح رواية أخرى بما قام لديه من الدليل. وهكذا.

وقد طاف أبو عيسى الترمذى البلاد وسمع من الخرسانيين والعراقيين والحجازيين ولا نظنه دخل العراق حيث لو دخلها لسمع من سيد المحدثين وزعيمهم الإمام أحمد بن حنبل (164-241هـ).

تلاميذه:

وقد روى عن أبو عيسى الترمذى كثيرون وذكر بعضهم فى "تذكرة الحفاظ" وفى "التهديب" وأهمهم ذكرا المحبوبى وهو محدث مرو وشيخها.

وقد أراد البخارى أن يشهد لتلميذه الترمذى شهادة قيمة فسمع منه حديثا واحدا كعادة كبار الشيوخ فى سماعهم ممن هو أصغر منهم جميعا.

قول العلماء فيه:

قال الحافظ أبو الفضل محمد بن طاهر المقدسى "أخبرنا الحسن بن أحمد السمرقندى عن أبو سعيد بن محمد الإدريسى الحافظ قال: محمد بن عيسى بن سورة الترمذى الحافظ الضرير، أحد الأئمة الذين يقتدى بهم فى علم الحديث، صنف كتاب الجامع و التواريخ والعلل؛ تصنيف رجل عالم متقن، كان يضرب به المثل فى الخفظ".

وقال الإدريسى: عن المرزوى قال سمعت أبا عيسى محمد بن عيسى الحافظ الترمذى يقول "كنت فى طريق مكة وكنت قد كتبت جزءين من أحاديث شيخ، فمر بنا ذلك الشيخ فسألت عنه فقالوا فلان فذهبت إليه وأنا أظن أن الجزءين معى، وحملت معى جزءين كنت أظنهما الجزءان اللذان له، فلما ظفرت به وسألته أجابنى إلى ذلك، فأخذت الجزءان فإذا هما بياض -فارغين- فتحيرت، وجعل الشيخ يقرأ على من حفظه ثم ينظر إلى، فرأى البياض بين يدى، فقال: أما تستحى منى؟ قلت: لا. وقصصت عليه القصة وقلت: أحفظه كله، فقال: اقرأ. فقرأت جميع ما قرأ على على الولاء -عن ظهر قلب- فلم يصدقنى وقال: استظهرت قبل أن تجئ. فقلت: حدثنى بغيره. فقرأ على أربعين حديث من غرائب حديثه، ثم قال: هات اقرأ. فقرأت عليه من أوله إلى آخره كما قرأ، فما أخطأت فى حرف، فقال لى: ما رأيت مثلك".

ووصفه السمانى فى الأنساب بأنه "إمام عصره بلا مدافعة، صحاب التصانيف" وبأنه "أحد الأئمة اللذين يقتدى بهم فى علم الحديث"ز ونحو ذلك قال ابن خلكان.

ونقل الذهبى فى تذكرة الحفاظ والصفدى فى نكت الهميان والمزى فى التهذيب أن ابن حيان ذكره فى الثقات وقال "كان ممن جمع وصنف وحفظ وذاكر".

ووصفه المزى فى التهديب بأنه "الحافظ صاحب الجامع وغيره من المصنفات، أحد الأئمة الحفاظ المبرزين ومن نفع الله به المسلمين".

وقال الذهبى فى الميزان "الحافظ القلم صاحب الجامع ثقة مجمع عليه، زلا يلتفت إلى قول ابن حزم فيه، إذ أنه ما درى ولا عرف بوجود الجامع والعلل له".

وقال الحافظ ابن حجر فى تهذيب التهذيب "وأما أبو محمد بن حزم فإنه نادى على نفسه بعد الاطلاع إذ كيف فاته الوقوف على أبو عيسى محمد بن عيسى".

وقال العلامة طاش كبرى زاده فى مفتاح السعادة"وهو أحد العلماء الحفاظ الأعلام وله فى الفقه يد صالحة أخذ الحديث عن جماعة من الأئمة ولقى الصدر الأول من المشايخ".

وقال ابن العماد الحنبلى فى شذرات الذهب "كان مبرزا على الأقران أية فى الحفظ والإتقان".

ونقل الحاكم أبو أحمد عن احد شيوخه "مات محمد بن اسماعيل البخارى ولم يخلف بخرسان مثل أبى عيسى فى العلم والحفظ والورع والزهد، بكى حتى عمى، وبقى ضريرا سنين".

وقال أبو الفضل البيلمانى سمعت نصر بن محمد الشيركوهى يقول سمعت محمد بن عيسى الترمذى يقول "قال لى محمد بن إسماعيل - يعنى البخارى - ما انتفعت بك أكثر مما انتفعت بى". وهى شهادة عظيمة من شيخه إمام المسلمين وأمير المؤمنين فى الحديث فى عصره.

وعن يوسف بن أحمد البغدادى الحافظ "أضر أبو عيسى فى آخر عمره"- أى أصبح ضريرا- وقال ابن الأثير "كان أماما حافظا له تصانيف حسنة منها الجامع الكبير وهو أحسن الكتب".

ما قيل فى كتابه الجامع:

فى كشف الظنون عن الجامع الصحيح للترمذى "وهو ثالث الكتب الستة فى الحديث وقد اشتهر بالنسبة إلى مؤلفه فيقال جامع الترمذى ويقال له السنن أيضا والأول أكثر".

وقال الحافظ أبو الفضل المقدسى "سمعت الإمام أبا إسماعيل عبد الله بن محمد الأنصارى بهرأة وجرى بين يديه ذكر ابى عيسى الترمذى وكتابه، فقال كتابه عندى انفع من كتاب البخارى ومسلم، لأن كتابى البخارى ومسلم لا يقف على الفائدة منهما إلا العالم المتبحر وكتاب أبى عيسى يصل إلى فائدته كل أحد من الناس".

وعن الترمذى أنه قال فى شأن كتابه "صنفت كتابى هذا فعرضته على علماء الحجاز والعراق وخرسان فرضوا به، ومنكان فى بيته هذا الكتاب فكأنما فى بيته نبى يتكلم".

وقال العلامة طاش كبرى عن كتاب الترمذى "وهذا كتابه الصحيح أحسن الكتب وأكثرها فائدة وأحسنها ترتيبا وأقلها تكرارا وفيه ما ليس فى غيره من ذكر المذاهب ووجوه الاستدلال وتبيين أنواع الحديث من الصحيح والحسن والغريب وفيه جرح وتعديل وفى آخره كتاب العلل وقد جمع فيه فوائد حسنة لا يخفى قدرها على من وقف عليها".

وقال الحافظ المقدسى "وأما أبو عيسى الترمذى وحده فكتابه على أربعة أقسام: قسم صحيح مقطوع به، وهو ما وافق فيه البخارى، ومسلما، وقسم على شرط الثلاثة دونهما -يقصد أبا داوود والنسائى وابن ماجه- كما بيناه، وقسم آخر أبان عن علته ولم يغفله، وقسم رابع أبان هو عنه؛ قال ما أخرجت فى كتابى إلا حديثا قد عمل به الفقهاء، وذا شرط واسع فإن على هذا الأصل كل حديث، وقد أزاح عن نفسه الكلام فإنه شفى فى تصنيفه وتكلم على كل حديث بما يقتضيه وكان من طريقته -رحمه الله- أن يترجم الباب الذى فيه حديث مشهور عن صحابى قد صح الطريق إليه وأخرج من حديثه فى الكتب الصحاح فيورد فى الباب ذلك الحكم من حديث صحابى آخر لم يخرجوه من حديثه، ولا يكون الطريق إليه كالطريق إلى الأول، إلا أن الحكم صحيح، ثم يتبعه بأن يقول: وفى الباب فلان وفلان ويعد جماعة فيهم ذلك الصحابى المشهور وأكثر وقلما يسلك هذه الطريقة إلا فى أبواب معدودة".

وقال القاضى أبو بكر بن العربى فى أول شرحه على الترمذى "اعلموا -أنار الله أفئدتكم- أن كتاب الجعفى -البخارى- هو الأصل الثانى فى هذا الباب والموطا هو الأول والباب، وعليهما بناء الجميع كالقشيرى -مسلم- والترمذى فمن دونهما، وليس فيهم مثل كتاب أبو عيسى -الترمذى- حلاوة مقطع ونفاسة منزع وعذوبة مشرع وفيه أربعة عشر علما، وذلك أقرب إلى العمل وأسلم: أسند وصحح وضعف وعدد الطرق وجرح وعدل وأسمى وأكنى ووصل وقطع وأوضح المعمول به والمتروك وبين اختلاف العلماء فى الرد والقبول لآثاره، وذكر اختلافهم فى تأويله وكل علم من هذه العلوم أصل فى بابه وفرد فى نصابه فالقارئ له لا يزال فى رياض مونقة وعلوم متفقة منسقة، وهذا شيئ لا يعمه إلا العلم الغزير والتوفيق الكثير والفراغ والتدبير".

كتبه الأخرى:

وهى من أقوال العلماء: الجامع الصحيح، والشمائل، والعلل، والتاريخ، والزهد، والأسماء والكنى. ولم نرى منها إلا كتابيه الجامع الصحيح والشمائل. وجميع هذه الكتب فيما فقد من النفائس، بينما هناك أيضا كتبا أخرى له لم يصل إلينا خبرها.

وفاته:

وقد توفى بقريته بوغ سنة 279هـ على أرجح الأقوال عن سبعين عاما فى الثالث عشر من رجب، وقد رحل إلى خرسان وأقام طويلا بتلك النواحى، إلى أن مات بقريته بوغ وغن كانت نسبته إلى المدينة الأقرب لها وهى ترمذ. 

ع صلاح