هذه خطب ليوم الجمعة مقسمة على أسابيع الأشهر العربية مساهمة فى تتبع أحداث هذه الشهور ودعما للإخوة المكلفين بخطبة الجمعة فى البلاد النائية، وهى تصلح لأن تكون خطبا أسبوعية قائمة بذاتها، كما تصلح أن تكون نواة لتحضير خطبا أكبر، كما يمكن أن تضيف عليها من واقع أحداث البلد الذى أنت فيه.

خطب شهر مايو

نسخة كاملة للخطب

(الخطبة الأولى) سوء الظن

... أما بعد

قال تعالى فى كتابه العزيز ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ الحجرات: 12، فالظن هنا هو التهمة التى لا سبب لها يوجبها، كمن يُتهم بالفاحشة أو يشرب الخمر مثلاً ولم يظهر علية ما يقتضى ذلك، ودليل كون الظن هنا بمعنى التهمة قولة تعالى ولا تجسسوا وذلك أنه قد يقع له خاطر التهمة أولاً ويريد أن يتجسس خبر ذلك ويبحث عنه ويتبصر ويستمع ليتحقق ما وقع له من تلك التهمة، فنهى القرآن والنبى فى حديثة وقال (إياكم والظن فإن الظن أكذب الحديث ولا تجسسوا ولا تناجشوا ولا تحاسدوا ولا تباغضوا ولا تدابروا وكونوا عباد الله إخوانا) البخارى ومسلم ...

 

(الخطبة الثانية) آداب الحديث

... أما بعد

فإن البعد عن اللغو من أركان الفلاح ولا يستقيم إيمان العبد حتى يستقم قلبه، ولا يستقيم قلبه حتى يستقم لسانه، وروى الإمام أحمد فى مسنده والبخارى ومسلم فى صحيحيهما عن النبى أنه قال (من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يؤذ جاره ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرا أو ليصمت) فهذا الحديث صريح فى أنه ينبغى أن لا يتكلم المسلم إلا إذا كان الكلام خيراً وهو الذى ظهرت مصلحته، ومن شك فى ظهور المصلحة فلا يتكلم.

وفى صحيحى البخارى ومسلم عن أبى موسى قال قلت: يا رسول الله أى المسلمين أفضل؟ قال (من سلم المسلمون من لسانة ويده) ...

 

(الخطبة الثالثة) إسباغ الوضوء

... أما بعد

يقول المولى تبارك وتعالى فى الكتب العزيز ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ﴾ المائدة-6.

وعن سيدنا رسول الله فى الحديث المروى فى صحيح مسلم أنه قال (مَنْ تَوَضَّأَ فَأَحْسَنَ الْوُضُوءَ خَرَجَتْ خَطَايَاهُ مِنْ جَسَدِهِ حَتَّى تَخْرُجَ مِنْ تَحْتِ أَظْفَارِهِ) وفى صحيح الإمام مسلم أيضاً عن سيدنا عثمان بن عفان قال سمعت رسول الله يقول (مَنْ تَوَضَّأَ لِلصَّلاَةِ فَأَسْبَغَ الْوُضُوءَ ثُمَّ مَشَى إِلَى الصَّلاَةِ الْمَكْتُوبَةِ فَصَلاَّهَا مَعَ النَّاسِ أَوْ مَعَ الْجَمَاعَةِ أَوْ فِى الْمَسْجِدِ غَفَرَ اللَّهُ لَهُ ذُنُوبَهُ).

وفى السنن الكبرى للإمام البيهقى عن أبى هريرة أن رسول الله  (إذا توضأ العبد المسلم أو المؤمن فغسل وجهه خرج من وجهه كل خطيئة نظر إليها بعينيه مع الماء أو مع آخر قطر الماء فإذا غسل يديه خرج من يديه كل خطيئة بطشتها يداه مع الماء ...

 

(الخطبة الرابعة) بر الوالدين

... أما بعد

يقول المولى تبارك وتعالى فى محكم التنزيل ﴿وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا * وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِى صَغِيرًا * رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَا فِى نُفُوسِكُمْ إِنْ تَكُونُوا صَالِحِينَ فَإِنَّهُ كَانَ لِلْأَوَّابِينَ غَفُورًا﴾ الإسراء-23.

وقضى هنا بمعنى: أمر وألزم وأوجب كما قرن شكرهما بشكرهِ سبحانه وتعالى، وقيل أيضاً: القضاء معناه الحكم الجزم البت الذى لا يقبل النسخ، والدليل عليه أن الواحد منا إذا أمر غيره بشىء فإنه لا يقال: إنه قضى عليه، أما إذا أمره أمراً جزماً وحكم عليه بذلك الحكم على سبيل البت والقطع، فههنا يقال: قضى عليه ولفظ القضاء فى أصل اللغة يرجع إلى إتمام الشىء وانقطاعه ...