كان .. ما .. كان

سيدنا إبراهيم 4

أبو الأنبياء وثانى أولى العزم

 

لما أجمع سيدنا إبراهيم أمره على الخروج مهاجراً هو ومن آمن معه خرج حتى قدم مصر، وكان يحكم مصر فرعون من الفراعنة الأولى وكان اسمه سنان بن علوان بن عبيد بن عولج بن عملاق بن لاوذ بن سام بن نوح، وقالوا إن اسمه كان طوطيس، فلما دخل سيدنا إبراهيم أرض مصر قيل له يا إبراهيم إن بمصر ملكاً جباراً يحب النساء الجميلات، ويأخذهن قهراً، فلما علم سيدنا إبراهيم ذلك خبأ السيدة سارة ، فقد كانت ذات حسن وجمال حتى لم يكن فى زمانها أجمل منها، خبأها فى صندوق ليبعدها عن عيون عمال الملك الذين كانوا يقيمون على الطرقات لتحصيل ما يشبه رسم دخول البلاد أو شئ من هذا القبيل، فلما رأوا سيدنا إبراهيم والصندوق الذى معه أوقفوه وأصروا على فتح الصندوق ليروا ما فيه، ولما فتحوه وجدوا سيدة لم يروا مثل جمالها، فذهبوا بهما إلى ملك البلاد، فسأل سيدنا إبراهيم من هذه؟ فقال له: هى أختى –أى فى دين الله- فقال الملك: زوجنى إياها، فقال له: إنها متزوجة فأخذها قهراً، فلما دنا الملك منها وأراد أن يمسك بها يبست يده فصرخ وطلب منها أن تعفو عنه وتدعو له أن تُشفى يده، ولن يعود لفعلته ثانياً، فدعت له فعادت يده إلى حالتها الطبيعية، فلما نظر إليها نسى ما حدث سابقاً وحاول أن يمسكها مرة أخرى، فحدث مثل ما حدث سابقاً فطلب العفو منها فعفت عنه، فعاد إلى فعلته، وقالوا إن هذا الأمر تكرر ثلاث أو سبع مرات حتى تاب توبة صادقة، فعصمها الله وصانها لعصمة عبده ورسوله وحبيبه وخليله إبراهيم، فدعا الملك سيدنا إبراهيم فلما حضر أكرمه ورد إليه السيدة سارة  ووهبه جارية هى السيدة هاجر ، فخرج سيدنا إبراهيم ومن معه قاصدين الشام خوفاً من أن يعاود الملك فعلته فنزلوا بواد يقال له وادى السبع، ونزل سيدنا لوط بالمؤتفكة وهى على مسيرة يوم وليلة من وادى السبع فبعثه الله نبياً، وكان سيدنا إبراهيم اتخذ بوادى السبع بئراً ومسكناً، فلما رأى أهل وادى السبع هذا البئر طمعوا فيه فآذوا سيدنا إبراهيم فانتقل عنهم، فنضب البئر، فذهبوا ورائه يسألونه العودة فرفض وأعطاهم سبعة من الماعز، وقال: أوردوهم الماء يظهر حتى يكون معيناً طاهراً، فاشربوا منه ولا تغترف منه إمرأة حائض، فذهبوا بالماعز فلما وقفت على الماء ظهر إليها، وكانوا يشربون منه إلى أن غرفت منه إمرأة طامث فنضب الماء، وأقام سيدنا إبراهيم بين منطقة يقال لها الرملة وأخرى يقال لها إيليا ببلد تدعى قطّ.

وكان سيدنا إبراهيم قد تزوج السيدة هاجر  فحملت وولدت له سيدنا إسماعيل، فغارت منها السيدة سارة  وكانت عاقر لم تلد، فقالت لسيدنا إبراهيم: لا تساكننى فى بلد، أى لا تبقى معى فى بلد واحد يجمعنا.

فخرج سيدنا إبراهيم بالسيدة هاجر  وسيدنا إسماعيل حتى انتهى بهم إلى موضع البيت، فوضعهما ثم رجع، فاتبعته السيدة هاجر  فسألته قائلة: إلى أى شئ تكلنا؟ إلى طعام تكلنا؟!! إلى شراب تكلنا؟!! فلم يرد عليها، فقالت: آلله أمرك بهذا؟ قال: نعم، قالت: إذاً لا يضيعنا، فرجعت، ومضى سيدنا إبراهيم، فلما أقبل على الوادى دعا فقال ﴿رَبَّنَا إِنِّى أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِى بِوَادٍ غَيْرِ ذِى زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُوا الصَّلَاةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِى إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُمْ مِنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ﴾ إبراهيم 14: 37.

فماذا فعلت سيدتنا هاجر  وسيدنا إسماعيل فى ظل هذه الظروف وما كان من قصتهما؟ هذا ما سنعرفه فى اللقاء القادم إن شاء الله تعالى، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

أحمد نور الدين عباس