هذه خطب ليوم الجمعة مقسمة على أسابيع الأشهر العربية مساهمة فى تتبع أحداث هذه الشهور ودعما للإخوة المكلفين بخطبة الجمعة فى البلاد النائية، وهى تصلح لأن تكون خطبا أسبوعية قائمة بذاتها، كما تصلح أن تكون نواة لتحضير خطبا أكبر، كما يمكن أن تضيف عليها من واقع أحداث البلد الذى أنت فيه.

خطب شهر مارس

نسخة كاملة للخطب

(الخطبة الأولى) فضل التوبة -1

... أما بعد

إن باب التوبة مفتوح دائماً أمام العبد المذنب وذلك من رحمة الله على عباده فقد روى عن سيدنا أنس بن مالك قال سمعت رسول الله يقول (قال الله تبارك وتعالى: يا ابن آدم إنك ما دعوتنى ورجوتنى غفرت لك على ما كان فيك ولا أبالى، يا ابن آدم لو بلغت ذنوبك عنان السماء ثم استغفرتنى غفرت لك ولا أبالى يا ابن آدم إنك لو أتيتنى بقراب الأرض خطايا ثم لقيتنى لا تشرك بى شيئا لأتيتك بقرابها مغفرة) وهذا الحديث يدل على سعة رحمة المولى تبارك وتعالى، ولذلك يقول الله تعالى فى كتابه العزيز فى الآية 53 من سورة الزمر ﴿قُلْ يَا عِبَادِىَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللهِ إِنَّ اللهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ﴾ فالذين أفرطوا فى الجناية على أنفسهم بالإسراف فى المعاصى والغلو فيها، يقول لهم المولى تبارك وتعالى لا تيأسوا من مفغرة ربكم ورحمته بالعفو عنكم ...

 

(الخطبة الثانية) فضل التوبة -2

... أما بعد

وجدنا ما يكاد إجماعاً من أئمة السلف على تعريف التوبة النصوحة بوصفها أن يتوب العبد ولا يعود إلى هذا الذنب مرة ثانية، ولكن كيف يتوب العبد، أى ما هو الذى يفعله الأن يتوب العبد ولا يعود إلى هذا الذنب مرة ثانية، ولكن كيف يتوب العبد؟ أى ما هو الذى يفعله الإنسان أولا لكى يكون تائباً؟ ثم بعد ذلك لا يعود إلى هذا الذنب الذى ارتكبه، نجد من الآيات الكثير التى تحدثنا عن كيفية التوبة، ولما كانت التوبة من الأشياء الهامة والضرورية للعبد، أى لا يوجد انسان غير محتاج إليها، فنجد أنها نزلت مع وجود البشرية ذاتها على هذه الأرض، فبنزول أبو البشر، أبينا آدم إلى الأرض تعلم كيفية التوبة، وهذا بنص صريح فى الكتاب العزيز، فنجد المولى تبارك وتعالى يقول فى محكم التنزيل فى الآية 37 من سورة البقرة ﴿فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ﴾ ...

 

(الخطبة الثالثة) سورة الحديد (1-8)

... أما بعد

يقول المولى تبارك وتعالى فى محكم التنزيل فى أول سورة الحديد ﴿سَبَّحَ للهِ مَا فِى السَّمَاوَاتِ وَمَا فِى الْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ﴾ فالكائنات جميعها تسبح لله سواء كانت فى السماوات أو فى الأراضين فالجميع خاشع خاضع لله تعالى، والتسبيح هنا بمعنى تنزيه المولى تبارك وتعالى عما لا يليق بجلاله اعتقاداً وقولاً وعملاً ﴿وَإِنْ مِنْ شَىْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لَا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ﴾ ومعنى ﴿وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ﴾ أى أنه صاحب العزة والكبرياء الخبير المستحق للتسبيح والحمد ﴿لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يُحْيِى وَيُمِيتُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَىْئٍ قَدِيرٌ﴾ أى أن مقاليد السموات والأرض وما فيهما بيد الله تبارك وتعالى يديرها ويدبرها بحكمته وإرادته ومشيئه دون مشاركة من أحد لأنه وحده لا شريك له، وهو قادر على فعل كل شيئ مهما كانت صعوبته أو سهولته فلا يعجزه سبحانه أى أمر من الأمور، وقال أحد العارفين: ذكر الله سبحانه ملكه على قدر أفهام الخليقة، وإلاّ فأين السموات والأرض من ملكه ...

 

(الخطبة الرابعة) الكبر والتجبر

... أما بعد

يقول المولى تبارك وتعلى فى محكم التنزيل فى الآية 83 من سورة القصص ﴿تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِى الْأَرْضِ وَلَا فَسَادًا وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ﴾ يوضح لنا الحق تبارك وتعالى هنا لكى نعرف لمن تكون له المفازة والمكانة الزلفى والسعد والهناء فى الآخرة، ولمن يكون عليه الخسران والشقاء والحسرة والندم فى الآخرة أعاذنا الله جميعاً، فيقول سبحانه وتعالى ﴿تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ﴾ تلك التى سمعنا بذكرها وبلغنا وصفها جعلها لمن لا يريدن استكباراً وطغياناً فى هذه الأرض، وللنظر أحباب رسول الله إلى مثالين ضربهما لنا الحق تبارك وتعالى فى كتابه الكريم عن اثنين من أهل الشقاء وسبب شقاءهما، وهما فرعون وقارون، وهما رمزا الطغيان والفساد فى الأمم السابقة، وفرعون هو أحدهما وصفه الحق تبارك وتعالى بالعلو والفساد فقد قال فيه الحق جل وعلا فى الآية الرابعة من سورة القصص ﴿إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلَا فِى الْأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعًا يَسْتَضْعِفُ طَائِفَةً مِنْهُمْ يُذَبِّحُ أَبْنَاءَهُمْ وَيَسْتَحْيِى نِسَاءَهُمْ إِنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ﴾ ...

 

محمد على خطاب