كتب السلف

لما كنا نحتاج باستمرار إلى كتب السابقين الغير محرفة، ولما كثر التحريف بفعل قلة غير مسئولة تقوم بإصدار الكتب المحرفة وطرحها فى الأسواق أو عرضها فى الشبكة العالمية للمعلومات، وسواء كان ذلك يتم بحسن نية أو بغيرها، فقد ظهرت الحاجة إلى البحث عن المصادر الصحيحة فى هذه الشبكة لكتب الصالحين وعلوم السابقين، ونحن نرشح لكم المواقع الصديقة التى تتحرى الدقة فيما تعرضه من كتب حتى تجدوا ما تحتاجونه من كتب وعلوم السابقين التى حاول البعض أن يدثروها ويغطوا عليها، ولكن يأبى الله إلا أن يتم نوره ولو كره المغرضون، وسنقوم باستعراض بعض الكتب التى أستشهد بها الإمام فخر الدين فى مؤلفاته ودروسه من هذه المواقع، وللمزيد عن تلك المواقع زوروا صفحة المكتبة من الموقع الرئيسى.

 

كتاب من المكتبة:

صحيح مسلم

 

كتاب صحيح مسلم تصنيف الحافظ إبى الحسين مسلم بن الحجاج القشيرى النيسابورى، 206-261 هـ، وهو أحد أئمة الحديث من خرسان، وقد سمع من خلق كثير من رجال الحديث فى خرسان، ونقل عنه معظم المحدثين، وصنف كتبا كثيرة غير ’الصحيح‘ منها ’المسند الكبير على الرجال‘ و’الجامع الكبير على الأبواب‘ و’العلل‘ و’ذكر أوهام المحدثين‘ و’التمييز‘ و’من ليس له إلا راو واحد‘ و’طبقات التابعين‘ و’المخضرمين‘، وكتاب ’الصحيح‘ هو أهم كتبه وهو الثانى على رتب الحديث بعد البخارى عند الجمهور، ويمثل الكتاب منهجية الإمام مسلم الدقيقة فى انتقاء الحديث، والتى جعلته من حماة الحديث الذائدين عنه ضد الدخل والكذب والوهم، فقد صنفه مسلم من 300 ألف حديث مسموعة، وبعد ذلك عرضه على أبى زرعة الرازى ورفع منه ما أشار به الرازى أن له علة، والكتاب مزيل بكتابين: صيانة صحيح مسلم لابن الصلاح وعلل أحاديث لابن عمار الشهيد.

اعتمد المحقق على أفضل وأدق النسخ الموجودة وتصحيح أخطاء الطباعة والسهو، وأبقى على ترقيمها ليمكن استخدام المعجم المفهرس معها، ولكن تم ربط الأرقام العامة بالخاصة للأحاديث المندرجة تحتها، ووضع للأبواب والفرعيات عناوين مستمدة من شرح النووى عليها، وتم تخريج احاديثه على البخارى.

رابط كتاب صحيح مسلم فى موقع التراث

 

المنهاج

 

هو شرح الإمام محيى الدين يحيى النووى لصحيح مسلم للإمام مسلم بن الحجاج أبو الحسن القشيرى النيسابورى المتوفى 261 هـ، وكان إماما جليلا مهابا، غيورا على السنة ذابا عنها، وصحيحه من أصح مصنفات الحديث، وقد حرص المصنف على التوسط بين الإطالة المملة والاختصار المخل لاستخراج دقائق العلوم من متونه وأسانيده، ولولا خوفه من ضعف الهمم لصنف شرحه فى مائة مجلد.

وهذه الطبعة قديمة غير محرفة.

 

رابط كتاب المنهاج فى موقع التراث

 

أسرة التحرير

 

ملحوظة: لتحميل كتاب من موقع التراث؛ يتم تنزيل جميع الملفات المضغوطة (rar files) الخاصة بالكتاب ثم توضع معا فى نفس الفولدر ولا يتم تغيير أسمائها أبدا ثم بفتح أى ملف منها وعندها يمكن أن تجد الكتاب والذى يكون أما ملف واحد أو عدة ملفات من طراز (pdf) فيتم نقلها إلى خارج الملف المضغوط فى فولدر واحد أيضا ولا يتم تغيير أسمائها أبدا ثم تفتح باستعمال برنامج قراءة الأكروبات

 

 

 

أماجد العلماء

الحمد لله الذى اختص العلماء بوراثه الانبياء والتخلق باخلاقهم وجعلهم القدوه للكافه، فقد ضل كثير من الناس وابتعدوا عن هدى الحبيب عندما تركوا الاخذ عن اكابر علماء هذه الامه وادمنوا الاخذ من الاصاغر ففارقوا ما كان عليه سلفهم الصالح وما استقرت عليه أمة المسلمين عقودا وقرونا.

قال : (لازال الناس بخير ما اخذوا العلم عن اكابرهم، فاذا اخذوا العلم عن اصاغرهم هلكوا)، وقال : (ان هذا الدين علم، فانظروا عمن تاخذون)، وقال : (اذا قبض العلماء اتخذ الناس رؤوسا جهالا فسئلوا فافتوا بغير علم فضلوا واضلوا، ولا حول ولا قوه الا بالله).

ويقول السيد فخر الدين الشيخ محمد عثمان عبد البرهانى :

ولإن سُئلتم ما الكتاب فانه     مما رواه أماجد الأعلام

 والمجمع عليه عند الساده العلماء ان الواحد منهم لا ينتقص كلام سيدنا رسول الله  ولا يحكم بوضعه ولا يضعفه ولايقدح فيه الا اذا كان فى يده سند من آيات كتاب الله او سنه نبيه عليه افضل الصلاه وازكى السلام, ومنذ بدايه القرن الاول الهجرى والثانى والثالث والرابع وحتى يومنا هذا تولى ساداتنا من اماجد العلماء رضوان الله عليهم الحفاظ على تراث ديننا الحنيف كما احب واراد فكانت الاحاديث الصحيحة والتفاسير الصادقه واحداث التاريخ من بدايه الرساله المحمديه مع تسلسلها التاريخى إلى يومنا هذا محفوظه ومسنده بكل امانه وصدق، ومن هؤلاء الساده العلماء الاجلاء ومع سيرته الطيبه كان

الامام مسلم

بدأ تدوين الحديث النبوى رسميًا فى خلافة سيدنا عمر بن عبد العزيز بإشارة منه، فقد كتب إلى الأمصار يأمر العلماء بجمع الحديث وتدوينه، وكان فيما كتبه لأهل المدينة: انظروا حديث رسول الله ، فاكتبوه، فإنى خفت دروس العلم وذهاب أهله، ومنذ ذلك الوقت بدأ العلماء فى همة عالية وصبر جميل يجمعون أحاديث النبى ويدونونها فى كتب، ولم تكن المهمة يسيرة أو المسئولية سهلة، وتكاد تفوق فى عظمها وجسامة المسئولية جمع القرآن الذى تم فى عهد الصديق أبى بكر، فالقرآن محفوظ فى صدور الصحابة على الترتيب الموجود بين أيدينا، ويصعب أن يختلط بغيره، أما السنة فأئمتها متفرقون فى البلاد، ولا يعلم عدد أحاديث النبى وأدخل الكذابون والوضاعون فى الحديث ما ليس من كلام النبى وكان هذا مكمن الصعوبة ويحتاج إلى مناهج غاية فى الدقة والصرامة لتبين الحديث الصحيح من غيره، وهذا ما قام به جهابذة الحديث وأئمة العلم العظام

وفى منتصف القرن الثانى الهجرى بدأ التأليف فى الحديث، فكان أول من جمع الحديث فى مكة ابن جريح البصرى المتوفى سنة 150 هــ، ومحمد بن إسحاق المتوفى سنة 151 هــ، فى المدينة، ومعمر بن راشد المتوفى سنة 153 هــ فى اليمن، وسعيد بن أبى عروبة المتوفى سنة 156 هــ فى البصرة، والليث بن سعد المتوفى سنة 175 هــ فى مصر، والإمام مالك بن أنس المتوفى سنة 179 هــ فى المدينة.

وكانت معظم المؤلفات التى وضعها هؤلاء الصفوة الكرام تضم الحديث النبوى وفتاوى الصحابة والتابعين كما هو واضح فى كتاب الموطأ للإمام مالك الذى ضم ثلاثة آلاف مسألة وسبعمائة حديث، ثم تلا ذلك قيام بعض الحفاظ بإفراد أحاديث النبى فى مؤلفات خاصة بها، فظهرت كتب المسانيد التى جمعت الأحاديث دون فتاوى الصحابة والتابعين، وتجمع الأحاديث التى رواها الصحابى تحت عنوان مستقل يحمل اسمه، ويعد مسند الإمام أحمد بن حنبل هو أشهر كتب المسانيد وأوفاها فضلا عن كونه أكبر دواوين السنة.

حتى إذا كان القرن الثالث الهجرى نشطت حركة الجمع والنقد وتمييز الصحيح من الضعيف، ومعرفة الرجال ودرجاتهم من الضبط والإتقان وحالهم من الصلاح والتقوى أو الهوى والميل، ولذا ظهرت الكتب التى رأى أئمة الحفاظ أن تجمع الحديث الصحيح فقط وفق شروط صارمة ومناهج محكمة، وكان أول من صنف فى الحديث الصحيح الإمام البخارى ثم تبعه مسلم فى كتابه صحيح مسلم.

المولد والنشأة: الامام ابو الحسين مسلم بن الحجاج بن مسلم القشيرى نسبا والنيسابورى وطنا، والقشيرى هذه نسبه الى قشير بن كعب بن ربيعه بن عامر ابن صعصعه وهى قبيله كبيره ينسب لها كثير من العلماء، فى نيسابور تلك المدينة العريقة التى اشتهرت بازدهار علم الحديث والرواية فيها ولد مسلم بن الحجاج سنة 206 هــ على أرجح أقوال المؤرخين، وكان أبوه فيمن يتصدرون حلقات العلم، ولذا عنى بتربية ولده وتعليمه، فنشأ شغوفًا بالعلم مجدًا فى طلبه محبا للحديث النبوى، فسمع وهو فى الثامنة من عمره من مشايخ نيسابور، وكان الإمام يحيى بن بكير التميمى أول شيخ يجلس إليه ويسمع منه، وكانت جلسة مباركة أورثت فى قلب الصغير النابه حب الحديث فلم ينفك يطلبه، ويضرب فى الأرض ليحظى بسماعه وروايته عن أئمته الأعلام. وتذكر الكتب أن الإمام مسلم كانت له أملاك وضياع مكنته من التفرغ للعلم.

رحلاته العلمية وشيوخه: ابتدأ الإمام مسلم رحلاته فى طلب العلم إلى الحجاز، ولم يتجاوز سنه الرابعة عشرة لأداء فريضة الحج، وملاقاة أئمة الحديث والشيوخ الكبار، فسمع فى الحجاز من إسماعيل بن أويس، وسعيد بن منصور، ثم تعددت رحلاته إلى البصرة والكوفة وبغداد والرى ومصر والشام وغيرها ولقى خلال هذه الرحلات عددًا كبيرًا من كبار الحفاظ والمحدثين، تجاوز المائة، كان من بينهم الإمام البخارى أمير المؤمنين فى الحديث وصاحب صحيح البخارى، وقد لازمه واتصل به وبلغ من حبه له وإجلاله لمنزلته أن قال له: "دعنى حتى أقبل رجليك يا أستاذ الأستاذين، وسيد المحدثين وطبيب الحديث فى علله". وكان من شيوخه محمد بن يحيى الذهلى إمام أهل الحديث بخراسان، والحافظ الدارمى أحد الأئمة الحفاظ وصاحب مسند الدارمى، وعبد الله بن مسلمة المعروف بالقعنبى، وأبو زرعة الرازى محدث الرى المعروف.

منزلته ومكانته: وقد حصل من العلم ما لا يجتمع للنابغين حيث رزقه الله ذاكرة لاقطة، وعقلا راجحًا، وفهمًا راسخًا، وقد لفت ذلك أنظار شيوخه، فأثنوا عليه وهو لا يزال صغيرًا غض الإهاب، فتنبأ له شيخه إسحاق بن راهويه فى نيسابور حين رأى دأبه وحرصه فقال: أى رجل يكون هذا؟! وعده شيخه محمد بشار من حفاظ الدنيا فيقول: حفاظ الدنيا أربعة: أبو زرعة الرازى بالري، ومسلم بنيسابور، وعبد الله الدارمى بسمرقند، ومحمد بن إسماعيل ببخارى.

وأثنى عليه أئمة الحديث ونعتوه بأوصاف الإجلال والإكبار، ومن أجمع الأوصاف ما ذكره القاضى عياض بقوله: هو أحد أئمة المسلمين وحفاظ المحدثين، ومتقنى المصنفين، أثنى عليه غير واحد من الأئمة المتقدمين والمتأخرين، وأجمعوا على إمامته وتقدمه وصحة حديثه، وتمييزه وثقته وقبول حديثه.

مؤلفاته: كان الإمام مسلم بن الحجاج من المكثرين فى التأليف فى الحديث وفى مختلف فنونه رواية ودراية، وصل إلينا منها عدد ليس بالقليل، وهو شاهد على مكانة الرجل فى علم الحديث، وهى مكانة لم يصل إليها إلا الأفذاذ من المحدثين أصحاب الجهود المباركة فى خدمة السنة، وممن رزقوا سعة الصيت ورزقت مؤلفاتهم الذيوع والانتشار. ومن مؤلفاته الكنى والأسماء، وطبقات التابعين ورجال عروة بن الزبير، والمنفردات والوجدان، وله كتب مفقودة، منها أولاد الصحابة، والإخوة والأخوات، والأقران، وأوهام المحدثين، وذكر أولاد الحسين، ومشايخ مالك، ومشايخ الثورى ومشايخ شعبة.

صحيح مسلم: غير أن الذى طير اسم مسلم بن الحجاج وأذاع شهرته هو كتابه العظيم المعروف بصحيح مسلم، ولم يعرف العلماء قدر صاحبه ومعرفته الواسعة بفنون الحديث إلا بعد فراغه من تأليف كتابه، وبه عرف واشتهر، يقول النووى فى مقدمة شرحه لصحيح مسلم: "وأبقى له به ذكرا جميلا وثناء حسنا إلى يوم الدين".

وقد بدأ تأليف الكتاب فى سن باكرة فى بلده نيسابور بعد أن طاف بالبلاد وقابل العلماء وأخذ عنهم، وكان عمره حين بدأ عمله المبارك فى هذا الكتاب تسعًا وعشرين سنة، واستغرق منه خمس عشرة سنة حتى أتمه سنة (250 هـ) على الصورة التى بين أيدينا اليوم. وقد جمع الإمام مسلم أحاديث كتابه وانتقاها من ثلاث مائة ألف حديث سمعها من شيوخه فى خلال رحلاته الطويلة، وهذا العدد الضخم خلص منه إلى 3033 حديثًا من غير تكرار، فى حين يصل أحاديث الكتاب بالمكرر ومع الشواهد والمتابعات إلى 7395 بالإضافة إلى عشرة أحاديث ذكرها فى مقدمة الكتاب.

والتزم مسلم بأن جعل لكل حديث موضعًا واحدًا، جمع فيه طرقه التى ارتضاها واختار فيه أسانيده المتعددة وألفاظه المختلفة، فيسهل على الطالب النظر فى وجوه الحديث وما بين سنده ومتنه من فروق وقد تلقت الأمة بالقبول صحيح مسلم وقرنته بصحيح البخارى، وعدت ما فيهما من الحديث صحيحًا مقطوعًا بصحته، وقارن بعض العلماء بينهما، ومال بعضهم إلى تفضيل صحيح مسلم على نظيره البخارى، لكن الذى نص عليه المحققون من أهل العلم أن صحيح البخارى أفضل من حيث الصحة، وصحيح مسلم أفضل من حيث السهولة واليسر حيث يسوق الأحاديث بتمامها فى موضع واحد ولا يقطعها فى الأبواب مثلما يفعل البخارى.

وقد اعتنى العلماء بصحيح مسلم وخدموه خدمة عظيمة، فوضعوا له عشرات الشروح، ومن أشهر هذه الشروح: إكمال المعلم بفوائد مسلم للقاضى عياض، والمنهاج فى شرح صحيح مسلم بن الحجاج للإمام النووي، وإكمال العلم لمحمد بن خليفة المعروف بالأبي، والشروح الثلاثة مطبوعة متداولة. وامتدت العناية إلى رجال صحيح مسلم، فصنف كثير من العلماء فى هذا الاتجاه، مثل كتاب رجال صحيح الإمام مسلم لابن منجويه الأصبهانى، ورجال مسلم بن الحجاج لابن شبرين الأنصارى، وتسمية رجال صحيح مسلم الذين انفرد بهم عن البخارى للذهبى. وبلغت عناية العلماء بصحيح مسلم أن وضعوا له مختصرات، وجردوه من أسانيد وأحاديثه المكررة، مثل: مختصر صحيح مسلم للقرطبى، والجامع المعلم بمقاصد جامع مسلم للمنذرى. وجمع بعض العلماء بين الصحيحين فى كتاب واحد، مثل: الجمع بين الصحيحين للجوزقى، والجمع بين الصحيحين للبغوى، وزاد المسلم فيما اتفق عليه البخارى ومسلم للشنقيطى، واللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان لمحمد فؤاد عبد الباقى.

وفاته: ظل الإمام مسلم بن الحجاج بنيسابور يقوم بعقد حلقات العلم التى يؤمها طلابه والمحبون لسماع أحاديث النبى ، ومن أشهر تلاميذه الذين رحلوا إليه أبو عيسى الترمذى، ويحيى بن صاعد، وابن خزيمة وأبو بكر محمد بن النضر الجارودى وغيرهم، كما شغل وقته بالتأليف والتصنيف حتى إن الليلة التى توفى فيها كان مشغولا بتحقيق مسألة علمية عرضت له فى مجلس مذاكرة، فنهض لبحثها وقضى ليله فى البحث، لكنه لقى ربه قبل أن ينبلج الصباح فى 25 من رجب 261 هـ، وهو فى الخامسة والخمسين من عمره، ودفن يوم الإثنين فى مقبرته بنصر آباد فى نيسابور.

ع صلاح وراوية رمضان