كتب السلف لما كنا نحتاج باستمرار إلى كتب السابقين الغير محرفة، ولما كثر التحريف بفعل قلة غير مسئولة تقوم بإصدار الكتب المحرفة وطرحها فى الأسواق أو عرضها فى الشبكة العالمية للمعلومات، وسواء كان ذلك يتم بحسن نية أو بغيرها، فقد ظهرت الحاجة إلى البحث عن المصادر الصحيحة فى هذه الشبكة لكتب الصالحين وعلوم السابقين، ونحن نرشح لكم المواقع الصديقة التى تتحرى الدقة فيما تعرضه من كتب حتى تجدوا ما تحتاجونه من كتب وعلوم السابقين التى حاول البعض أن يدثروها ويغطوا عليها، ولكن يأبى الله إلا أن يتم نوره ولو كره المغرضون، وسنقوم باستعراض بعض الكتب التى أستشهد بها الإمام فخر الدين فى مؤلفاته ودروسه من هذه المواقع، وللمزيد عن تلك المواقع زوروا صفحة المكتبة من الموقع الرئيسى.
كتاب من المكتبة: من كتب الأعلام:
ولم تتدخل فيه المطبعة إلا ببعض الشرح والتخريج للأحاديث. رابط كتاب أعلام النبلاء فى موقع التراث
أسرة التحرير
ملحوظة: لتحميل كتاب
من موقع التراث؛ يتم تنزيل جميع الملفات المضغوطة (rar
files) الخاصة بالكتاب ثم توضع معا فى نفس الفولدر ولا يتم
تغيير أسمائها أبدا ثم بفتح
أى ملف منها وعندها يمكن أن تجد الكتاب والذى يكون أما ملف واحد أو عدة
ملفات من طراز (pdf) فيتم نقلها إلى
خارج الملف المضغوط فى فولدر واحد أيضا ولا يتم تغيير أسمائها أبدا ثم تفتح باستعمال
برنامج قراءة الأكروبات. |
||
|
||
الحمد لله الذى اختص العلماء بوراثه
الانبياء والتخلق باخلاقهم وجعلهم القدوه للكافه، فقد ضل كثير من الناس
وابتعدوا عن هدى الحبيب
قال
ويقول السيد فخر الدين الشيخ محمد
عثمان عبد البرهانى
ولإن سُئلتم ما الكتاب فانه مما رواه أماجد الأعلام
والمجمع عليه عند الساده العلماء ان
الواحد منهم لا ينتقص كلام سيدنا رسول الله
الإمام الأعظم: أبو حنيفة النعمان
ولد أبو
حنيفة النعمان بالكوفة
سنة 80هـ من أسرة فارسية، وسمى النعمان تيمنا بأحد ملوك الفرس، من أجل ذلك كبر
على المتعصبين العرب أن يبرز فيهم فقيه غير عربى الأصل، حاول بعض محبيه أن
يفتعل له نسبا عربيا، ولكنه كان لا يحفل بهذا كله فقد كان يعرف أن
الإسلام قد سوى
بين الجميع،
وأن الرسول
ولقد شهد أبو حنيفة فى طفولته فظائع الحجاج والى العراق وبطشه بكل من يعارض الأمويين حتى الفقهاء الأجلاء، فدخل فى نفسه منذ صباه عزوف عن الأمويين واستنكار لاستبدادهم، ورفض للطغيان، ثم إنه ورث عن أبيه وأمه حبا لآل البيت فما كان فى ذلك العصر رجال ينبذون التفرقة بين المسلمين العرب وغير العرب إلا آل البيت. وقد تمكن حب آل البيت من قلبه عندما تعرف على أئمتهم وتلقى عنهم، وعندما عاين أشكال الاضطهاد التى يكابدونها فى كل نهار وليل، حتى لقد شاهد الإمام الصادق واقفا يستمع إليه وهو يفتى فى المدينة فوقف قائلا «يا ابن رسول الله، لا يرانى الله جالسا وأنت واقف».
وانطلق الفتى الأسمر الطويل النحيل بحلة فاخرة، يسبقه عطره، ويدفعه الظمأ إلى المعرفة، يرتاد حلقات العلماء فى مسجد الكوفة، وكان بعضها يتدارس أصول العقائد (علم الكلام)، وبعضها للأحاديث النبوية; وبعضها للفقه وأكثرها للقرآن الكريم، ثم مضى ينشد العلم فى حلقات البصرة، وبهرته حلقة علماء الكلام، لما كان يثور فيها من جدل مستعر يرضى فتونه، ولزم أهل الكلام زمنا ثم عدل عنهم الى الحلقات الأخرى، فقد اكتشف عندما نضج أن السلف كانوا أعلم بأصول العقائد ولم يجادلوا فيها، فلا خير فى هذا الجدل، ومن الخير أن يهتم بالتفقه فى القرآن الكريم والحديث. وانتهت به رحلاته بين البصرة والكوفة الى العودة الى موطنه بالكوفة، وإلى الاستقرار فى حلقات الفقه، لمواجهة الأقضية الحديثة التى استحدثت فى عصره، ولدراسة طرائق استنباط الأحكام، وكان أبوه قد مات، وترك له بالكوفة متجرا كبيرا للحرير يدر عليه ربحا ضخما، فرأى أبو حنيفة أن يشرك معه تاجرا آخر، ليكون لديه من الوقت ما يكفى لطلب العلم وللتفقه فى الدين ولإعمال الفكر فى استنباط الأحكام. ودرس على عدة شيوخ فى مسجد الكوفة ثم استقر عند شيخ واحد فلزمه، حتى إذا ما ألم بالشيخ ما جعله يغيب عن الكوفة، نصب أبا حنيفة شيخا على الحلقة حتى يعود، وكانت نفس أبى حنيفة تنازعه أن يستقل هو بحلقة، ولكنه عندما جلس مكان أستاذه سئل فى مسائل لم تعرض له من قبل، فأجاب عليها وكانت ستين مسألة، وعندما عاد شيخه عرض عليه الإجابات، فوافقه على أربعين، وخالفه فى عشرين، فأقسم أبو حنيفة ألا يفارق شيخه حتى يموت.
جاءته امرأة تبيع له ثوبا من الحرير وطلبت ثمنا له مائة، وعندما فحص الثوب قال لها «هو خير من ذلك» فزادت مائة، ثم زادت حتى طلبت أربعمائة، فقال لها «هو خير من ذلك». فقالت: أتهزأ بى؟ فقال لها «هاتى رجلا يقومه» فجاءت برجل فقومه بخمسمائة. وأرادت امرأة أخرى أن تشترى منه ثوبا فقال «خذيه بأربعة دراهم» فقالت له «لا تسخر منى وأنا عجوز» فقال لها «إنى اشتريت ثوبين فبعته أحدهما برأس المال إلا أربعة دراهم، فبقى هذا الثوب على أربعة دراهم». وذهب الى حلقة العلم يوما، وترك شريكه فى المتجر، وأعلمه أن ثوبا معينا من الحرير به عيب خفى، وأن عليه أن يوضح العيب لمن يشتريه، أما الشريك فباع الثوب دون أن يوضح العيب، وظل ابو حنيفة يبحث عن المشترى ليدله على العيب، ويرد إليه بعض الثمن، ولكنه لم يجده، فتصدق بثمن الثوب كله، وانفصل عن شريكه. بهذا الحرج كان يتعامل فى تجارته مع الناس، وفى فهمه للنصوص، وفى استنباطه للقواعد والأحكام، وعلى الرغم من أنه كان يكسب أرباحا طائلة، فقد كان لا يكنز المال، فهو ينفق أمواله على الفقراء من أصدقائه وتلاميذه، يحتفظ بما يكفيه لنفقة عام ويوزع الباقى على الفقراء والمعسرين، فإذا عرف أن أحدا فى ضيق، أسرع إليه، وألقى إليه بصرة على بابه، ونبهه الى أنه وضع على بابه شيئا، ويسرع قبل أن يفتح صاحب الحاجة الصرة. وكان على ورعه وتقواه واسع الأفق مع المخطئين، كان له جار يسكر فى الليل ويرفع عقيرته بالغناء: ليوم كريهة وسداد ثغر أضاعونى وأى فتى أضاعوا
وكان أبو حنيفة يدعو أصحابه الى الاهتمام بمظهرهم، وكان إذا قام للصلاة لبس أفخر ثيابه وتعطر، لأنه سيقف بين يدى الله، ورأى مرة أحد جلسائه فى ثياب رثة، فدس فى يده ألف درهم وهمس: أصلح بها حالك. فقال الرجل: لست أحتاج إليها وأنا موسر وإنما هو الزهد فى الدنيا. فقال أبو حنيفة: أما بلغك الحديث: إن الله يحب أن يرى أثر نعمته على عبده؟ وكان شديد التواضع، كثير الصمت، يقتصد فى الكلام، ولا يقول إلا إذا سئل، وإذا اغلظ إليه أحد أثناء الجدال صبر عليه. وإذا دخلت إليه امرأة تستفتيه قام من الحلقة وأسدل دونها سترا، ليحفظها من عيون الرجال، وأجابها عما تسأل، نبع هذا التقدير الكبير للمرأة من حبه العميق لأمه، وحرصه الدائب على أن يرضيها، ثم من فهمه الواعى للإسلام، واتباعه اليقظ للسنة، واجتهاداته الذكية، وقد قاده اجتهاده الى الإفتاء بأن الإسلام يبيح للمرأة حق تولى كل الوظائف العامة بلا استثناء، حتى القضاء. ولقد كان فى حرصه على إرضاء أمه، يحملها على دابة، ويسير بها الأميال، لتصلى خلف أحد الفقهاء يرى هو نفسه أن أبا حنيفة أفضل منه، لأن الأم كانت تعتقد بفضل ذلك الفقيه، وكانت الأم لا ترضى بفتوى ابنها أحيانا، فتأمره أن يحملها الى أحد الوعاظ، فيقودها اليه عن طيب خاطر، ولقد قال لها الواعظ يوما: «كيف أفتيك ومعك فقيه الكوفة؟» ومع ذلك فقد ظل أبو حنيفة حريصة على إرضائها، لا يرد لها طلبا، حتى إذا عذب فى سبيل رأيه، طلبت منه أمه أن يتفرغ للتجارة وينصرف عن الفقه وقالت له: «ما خير علم يصيبك بهذا الضياع؟». فقال لها «إنهم يريدوننى على الدنيا وأنا أريد الآخرة وإننى أختار عذابهم على عذاب الله» ولكم تحمل أبو حنيفة من عذاب، كان مخالفوه فى الرأى يغرون به السفهاء والمتعصبين والمتهوسين ويدفعونهم الى اتهامه بالكفر، والى التهجم عليه، فيقابلهم بالابتسام.
كان خصوم أبى حنيفة صنفين: بعض الفقهاء ممن وجدوا انصراف الناس عن حلقاتهم الى حلقة أبى حنيفة، وحكام ذلك الزمان. أما أعداء أبى حنيفة من الفقهاء فقد كان على رأسهم ابن أبى ليلى وتابعه شبرمة، كان أعداؤه فقهاء للدولة فى العصر الأموى، حتى إذا جاء العصر العباسى تحولوا الى الحكام الجدد، واحتالوا عليهم بالنفاق حتى أصبحوا هم أهل الشورى، يزينون للحكام الجدد كل ما زينوه للحكام السابقين من طغيان عدوان وبغى واستغلال وبطش بالمعارضين، واصطنعوا من الآراء الفقهية، وقبلوا من الأحاديث الضعيفة أو الموضوعة ما يسند الطبقة الحاكمة والمستغلين، وما يصرف الناس عنهم من أمور الدنيا، وعن سياسة حياتهم، لينقطع الناس الى التقشف، ويتركوا مستغليهم يستبدون ويعمهون. وكان أبو حنيفة يحتفظ باستقلاله أمام الحكام فيحترمه الحكام، وهو يلبس أغلى الفراء فى الشتاء، ويتحلى طوال العام بثياب فاخرة، ويتعطر ويتنعم بالطيبات من الرزق، وبزينة الحياة التى أحلها الله لعباده. وكان يقاوم كما قاوم أستاذه وصديقه الإمام جعفر الصادق من قبل؛ بدعة تزيين التقشف والانصراف عن هموم الحياة، وترك الأمر كله لطبقة بعينها تملك وتستغل وتحكم وتستبد. على أن ميل أبى حنيفة الى الأئمة من آل البيت أوغر عليه صدور الأمويين والعباسيين على السواء، ففى العصر الأموى قالوا «أن تكون كافرا أو مشركا خير من أن تكون علويا»، وفى العصر العباسى توالت المحن على العلويين، وأبو حنيفة يفتى بأن العلويين أصحاب حق، على أنه مال إلى العباسيين أول الامر، وتوسم فيهم الخير، ولكنه إذ وجد الفقهاء الذين نافقوا الأمويين وزينوا لهم العدوان، هم الذين يشيرون على الخلفاءالعباسيين، أصابته خيبة الأمل فيهم، ثم إن العباسيين بطشوا بأبناء عمومتهم العلويين، فساء رأى أبى حنيفة فى العباسيين.
وأبو
حنيفة على الرغم من سماحته لا يسكت عن خطأ الفقهاء من الذين جعلوا كل همهم نفاق
الحكام وإرضاءهم، كان بعضهم يفتى فى المسجد الى جوار حلقة أبى حنيفة،
فإذا أخطأ
انبرى له أبو
حنيفة يكشف ذلك الخطأ، ويعلن الصواب على الناس، وكان ينتقد
أخطاء ابن أبى ليلى نقدا أوغر عليه صدر الرجل، حتى نقد حكما فاحش الخطأ فانفجر
غضب ابن ابى ليلى: وذلك أن أمرأة مجنونة قالت لرجل: «يا ابن الزانيين» فأقام
عليها
ابن أبى ليلى الحد فى
وإلى لقاء مع استكمال حياة الإمام الأعظم... راوية رمضان
|
||
![]() |
||
|