نشرنا فى صفحات القواطع عن موضوع القواطع عن المهيمن من كتاب المرشد الوجيز، وها نحن فى هذا الباب نستكمل الموضوع بجوانب أخرى تكمله حتى تعم الفائدة:

 

 

بنت الوز

 

مرت فترة وأنا ملازم الفراش، هو مش ملازم قوى ... قول شاويش، قول عسكرى ... أيوه عسكرى، ماهو الراجل منا طول ماهو بصحته يبقى فى البيت لواء، طبعاً الكلام ده مش لكل الرجالة، لإن فيه رجالة عساكر على طول، والمعنى فى بطن الشاعر، لكن أنا بتكلم عن المفروض اللى نكون عليه إحنا الرجالة، أول ما الواحد يجيله شوية برد أو يمرض يُعزل فوراً من رتبته، وصوته يبقى هادى ووديع، واللى فى البيت ما يصدقوا يلاقوا فرصة يخلصوا فيها القديم والجديد بحجة ... إحنا يهمنا صحتك، فاسمع الكلام بلاش تاكل ده ... بلاش المية الساقعة بتتعبك ... خليك نايم فى السرير، والواحد منا ياولداه معندوش غير حاضر ... طيب، وعلشان دماغكم ما ترحش لبعيد، مراتى والشهادة لله ملهاش دعوة بالموضوع ده، لأنها عارفة إنى بمجرد ما أشد حيلى وأقوم حاخلص القديم كله، وعلشان كده سابت المهمة دى لسيادة الفريق بنتى ... وكانت مراتى تقول دائماً "القوى فيه اللى أقوى منه" ... بابا ... بابا، ياسلام بتيجى على السيرة، أيوه ... نعم، قالت خدت الدوا بتاع الساعة 12؟ فقلت بصوت منخفض: لأ ... نسيت، فقالت: ياسلام ياسلام ... هو أنا كل شوية أفكرك؟ فقلت: خلاص ... خلاص هاتى الدوا، وشوية مية، وبالمرة هاتى الموبايل، شفتوا أهى دى الأقوى اللى قالت عليه مراتى، وكتمت الكلام فقد دخلت علىّ وهى تمسك الموبايل بيد وفى الأخرى الدواء وكوب ماء ووضعت قرص الدواء فى فمى، وأعطتنى كوب الماء قائلة: بالهنا والشفا إن شاء الله، فشربت، وقمت أتصل بصديقى، وهى واقفة تنظر إلى فقلت لها: إيه فيه حاجة؟ فقالت: بلاش تطول فى الكلام علشان انت تعبان ... ماشى؟ فقلت: ماشى، فخرجت، ورد صديقى: إيه انت فين ياراجل؟ مش ظاهر من فترة، أنا صحيح ارتحت من وجع الدماغ، لكن حقيقى وحشتنى، فقلت: أنا كنت عيان ونايم فى السرير، هو انت سألت عنى حتى بالتليفون، فقال: ألف سلامة عليك ... خلاص نام وارتاح علشان تخف بسرعة وإن شاء الله حافوت عليك بكرة أو بعده، فقلت بكرة أو بعده إيه؟ أنا عاوز أعرف دلوقتى معنى الكلام اللى كنت بتتكلم فيه ... كمل أنا سامعك ... فقاطعنى قائلاً: اتكلم على الموبايل؟ إزاى؟ فقلت: ماتخفش أنا مشترك فى خاصية التحدث لمدة ساعتين ببلاش، فرد قائلاً: حتقدر تركز؟ فقلت: آآآه ... حتصرف، وناديت بنتى وقلت لها: هاتى قلم وكشكول فاضى وتعالى، فلما جاءت قلت لها: أكتبى اللى حيقوله عمك على التليفون، وأمسكت الموبايل وفتحت الاسبيكر وبدأ صديقى الكلام قائلاً: .المرة اللى فاتت لما اتكلمنا عن الشرك والكفر لاحظت إنك تهت منى ... فقاطعته ابنتى قائلة: هيه ... أكتب الكلام اللى مش مفهوم ده؟ فقال صديقى: لأ ياستى اكتبى لا إله إلا الله، ودى كلمة نفى وإثبات وهى ... فقلت: لحظة واحدة ... إنتى مابتكتبيش ليه؟ فقالت: ماأعرفش أكتب حاجة مش فهماها، فقال صديقى: بالراحة عليها يا أخى ... إنتى عاوزه تعرفى إيه؟ فردت قائلة: عاوزه أعرف يعنى إيه إله؟ فصرخت قائلاً: يخرب بيتك وبيت أبوك إنتى ... فقاطعنى صديقى قائلاً: حيلك ... حيلك دى مهما إن كانت فهى طفلة وعاوزه تتعلم ... إنتى ياحبيبتى عارفه الله؟ فقالت: طبعاً ... الله هو اللى خلقنا ورزقنا و... فقال صديقى: كويس أوى ... شوفى ياستى الأول نحل مشكلة الكتابة، وبعدين نتكلم ... وسكتنا فترة، ثم قال: التليفون بتاعك فيه مسجل مكالمات، قلت: أيوه، وشغلت المسجل وبدأ حديثه ثانياً: علشان تفهمى الكلام ده ... لازم نرجع من الأول ... لما ربنا سبحانه وتعالى خلق سيدنا آدم علمه الأسماء كلها وأمر الملائكة أن يسجدوا له، فسجدوا إلا إبليس اللعين، فربنا سبحانه وتعالى طرده من الجنة، عمل إيه إبليس صمم أن يكون سبب طرده اللى هو عدم سجوده لآدم الوسيلة اللى تخلى ولاد آدم يطيعوه ويعصوا الله، فقالت: إزاى؟ فقال: شوفى ياستى ... سيدنا آدم لما نزل الأرض وخلف أولاد وبنات كان بيعلمهم العبادة لله وحده، فعلم أبناء سيدنا آدم أنه لا إله إلا الله، إبليس اللعين عاوز يخرب الدنيا والآخرة على ولاد سيدنا آدم، عمل إيه دخل بين قابيل وهابيل ووقع بينهما بالحسد والحقد، لحد ماقابيل قتل هابيل، وهرب بعيد وخلف ولاد له وتبعه ناس كتير، بعد فترة سيدنا شيث حارب قابيل وانتصر عليه وقتله، إبليس أشار على قوم قابيل أنهم لا يدفنوه ولكن يعملوا له مكان أو مجلس يزينوه ويخلوا قابيل كأنه جالس وكل واحد يجى يشوفه يسجد له تعظيم وإجلال، فسمعوا كلامه، فكان أول من سجدوا له غير الله، وبعد كده علمهم عمل التماثيل وعبادتها فسجدوا لها وأطلقوا عليها آلهة، سيدنا محمد قال كلام فصل فى الموضوع ده ... طيب ... فصل يعنى زى مابنقول جاب من الآخر ... يعنى مفيش كلام بعد اللى قاله ... قاله إيه؟ قال (أفضل ما قلته أنا والنبيون من قبلى لا إله إلا الله) النبيون صلوات الله عليهم وتسليمه قالوا نفس المعنى، فى سورة هود قال تعالى فى الآية رقم 2 ﴿أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا اللهَ إِنَّنِى لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ﴾، ربنا سبحانه وتعالى بيقول لسيدنا محمد قل لهم هذا الكلام، فى نفس السورة الآية رقم 26 على لسان سيدنا نوح إلى قومه ﴿أَنْ لَا تَعْبُدُوا إِلَّا اللهَ إِنِّى أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ أَلِيمٍ﴾، فى الآية رقم 50 فى نفس السورة ﴿وَإِلَى عَادٍ أَخَاهُمْ هُودًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا مُفْتَرُونَ﴾، وفى الآية 61 ﴿وَإِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ ... ﴾، وفى الآية رقم 84 ﴿وَإِلَى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْبًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ ... ﴾، فلما جاء سيدنا رسول الله ودعاهم إلى عبادة الله الواحد الأحد قائلاً (أن لا إله إلا الله)، قالوا: أجعل الألهة إلهاً واحداً إن هذا شئ عُجاب. وصفوا مايعبدون من دون الله بالألوهية وهى ليست بهذه الصفة، فقالت ابنتى: يعنى إيه؟ فضحكت، فقال صديقى: بتضحك على إيه؟ فقلت: السؤال كان على طرف لسانى. فقال: ماهو ابن ... لا ... بنت الوز عوام، ومن شابه أباه فما ظلم ... المهم ... شوفى يابنتى إنتى فى المدرسة ... فى فصلك يعنى ... أكيد فيه أشطر واحد أو واحدة فيكم، وفيه أبلد تلميذ أو تلميذة ... مظبوط ... فقالت: مظبوط، فقال: لما تيجى تقولى للتلميذ أو التلميذة البليدة جداً إنتى شاطرة أو شاطر ... يبقى إنتى وصفتيه بحاجة مش فيه خالص ... صح؟ فقالت: صح، فقال: أهم وصفوا مايعبدون بالألوهية اللى مش فيهم ... فهمتى؟ فقالت: آه ... يعنى هم بيقولوا عليهم إله وهم مش ألهة، فرد قائلاً: مظبوط ... سيدنا رسول الله لما قال (لا إله إلا الله) نفى عنهم صفة الألوهية وأثبتتها لله وحده ... يعنى لا معبود بحق إلا الله سبحانه وتعالى ... "خ خ خ خ" إيه الصوت ده؟ فقالت: لأ مفيش ... دا بابا نام، كمل ... أنا معاك، فرد صديقى ضاحكاً: كنت حامل هم واحد ... دلوقتى بقوا اتنين ... كمل ... شوفى ياستى الاسم الله أو الكلمة هذه قالوا إنها جاءت من كلمة إلهُ... إزاى؟ قالوا: إنهم شالوا الألف اللى تحتها همزة فى أول كلمة إله، وجابوا ألف ولام بدل منها، فأصبحت الكلمة الله، وأصبح هذا الاسم خاص بذات البارى سبحانه وتعالى، وقالوا أيضاً: إن الاسم الله جاء من كلمة ألِهَ ومعناها تحَيَرَّ من الحيرة، لأن العبد لما يتفكر فى صفات الله ونعمه يحتار، وقالوا: إن الاسم جاء من كلمة ولاِهُ، علشان كل مخلوق ولهان ... يعنى بيحب، بعض الحكماء قالوا: الله محبوب الأشياء كلها، والدليل على كده قوله تعالى ﴿وَإِنْ مِنْ شَىْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لَا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ﴾ الإسراء 44، وقالوا الاسم أصله من لاَهَ أى احتجب، إشارة لقوله تعالى ﴿لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ﴾ الأنعام 103، فهمتى الكلام ده؟ فقالت: لأ ... بس بابا صحى ... أيوه يا بابا، فقلت: انتى رحتى فين، وانت ياعم ... كمل كلامك ... وبعدين، فقال صديقى: بعدين دى نخليها المرة الجاية وعليك خير ... وأغلق الخط، فالتفت إلى ابنتى قائلاً: إيه اللى حصل؟ إنتى رحتى فين؟ فقالت وهى تضحك: مش أنا اللى رحت ... انت اللى رحت ... رحت فى النوم.

 أحمد نور الدين عباس