الصحابى الجليل: أبو هريرة

 

سيدنا أبو هريرة يقال أنه هو عبد الرحمن بن صخر من ولد ثعلبة بن سليم بن فهم بن غنم ابن دوس اليمانى، وبذلك يكون دوسى نسبة إلى دوس بن عدنان بن عبد الله بن زهران ابن كعب بن الحارث بن كعب بن عبد الله بن مالك بن نصر وهو سنوءة ابن الأزد، والأزد من أعظم قبائل العرب وأشهرها، تنسب إلى الأزد ابن الغوث بن نبت بن مالك بن كهلان من العرب القحطانية. والراجح عند العلماء أن اسمه فى الجاهلية: عبد شمس فلما أسلم سماه رسول الله "عبد الرحمن"، وهناك آراء أخرى، ولكن المهم هو أنه اشتهر بأبو هريرة بكنيته، وبها عرف حتى غلبت على اسمه فكاد ينسى, أخرج الحاكم عن أبى هريرة قال: إنما كنّونى بأبى هريرة لأنى كنت أرعى غنما لأهلى، فوجدت أولاد هرة وحشية، فجعلتها فى كمى، فلما رجعت إليهم سمعوا أصوات الهر من حجرى، فقالوا: ما هذا يا عبد شمس؟ فقلت: أولاد هرة وجدتها، قالوا: فأنت أبو هريرة، فلزمنى بعد. وأخرج الترمذى عنه قال: كنت أرعى غنم أهلى، فكانت لى هريرة صغيرة، فكنت أضعها بالليل فى الشجرة، فإذا كان النهار ذهبت بها معى فلعبت بها فكنونى بأبى هريرة لكن يقول أبو هريرة : كان رسول الله يدعونى: أبا هرٍ، ويدعونى الناس: أبا هريرة ولذلك يقول لأن تكنوننى بالذكر أحب إلى من أن تكنوننى بالأنثى.

ولد ابو هريرة فى اليمن ونشأ فيها يرعى الغنم لاهله ويخدمهم وقد توفى والده وهو صغير فنشأ يتيماً وقاسى شظف العيش حتى مَنّ الله عليه بالاسلام على يد الطفيل بن عمرو. فهاجر الى الرسول وصحبه اربع سنوات فى حله وترحاله.

اسلامه وصحبته:

المشهور أنه أسلم سنة سبع من الهجرة بين الحديبية وخيبر وكان عمره حينذاك نحواً من ثلاثين سنة، ثم قدم المدينة مع النبى ، حين رجوعه من خيبر وسكن (الصّفة) ولازم الرسول ملازمة تامة، يدور معه حيثما دار، ويأكل عنده فى غالب الأحيان إلى أن توفى .

عريف اهل الصفة:

كان يدخل بيت النبى ويحضر مجالسه وقد اتخذ الصفة مقاما وجعله النبى عريف اهل الصفة. اذا اراد ان يجمعهم لطعام يطلب من ابى هريرة ان يجمعهم لانه اعرف بهم وبمنازلهم. وكان ابوهريرة يحب النبى حبا شديدا حدث ان رفع الرسول الدرة ليضرب بها أبا هريرة فقال ابو هريرة لان يضربنى بها أحب الى من حمر النعم. وكان ابو هريرة يقتدى بالنبى فى كل اعماله ويحذر الناس من الانغماس فى ملاذ الدنيا وشهواتها. لا يفرق فى ذلك بين غنى وفقير أو بين حاكم ومحكوم. يرشد الناس الى الحق والصواب. مر ذات يوم بقوم يتوضأون فقال لهم اسبغوا الوضوء فانى سمعت ابا القاسم يقول: (ويل للاعقاب من النار). ومما يقوله ابو هريرة: ان اهل الصفة هم ضيوف الرحمن لا اهل لهم ولا مال. اذا اتت رسول الله صدقة ارسلها اليهم ولم يصب منها شيئا واذا جاءته هدية اصاب منها واشركهم فيها. يقول امام التابعين سعيد بن المسيب: رأيت ابا هريرة يطوف بالسوق. ثم يأتى اهله فيقول: هل عندكم من شئ؟ فان قالوا: لا قال: انى صائم. كان زاهدا فى الدنيا ويكتفى من الطعام بسد رمقه - فقد صبر على الفقر طويلا. حتى رزقه الله مالا وفيرا، وكان دائما يذكر ايام فقره ويدعو الناس الى الصبر والشكر ومر ابو هريرة ذات يوم بقوم يذبحون شاة. فدعوه الى تناول الطعام معهم فأبى وقال: ان رسول الله خرج من الدنيا وما شبع من خبز الشعير قط. وكان رسول الله قد بعث ابا هريرة مع العلاء الحضرمى الى البحرين لينشرا الاسلام فيها ويفقها الناس فى امور دينهم فأنجزا هذه المهمة خير انجاز. ولما تولى عمر بن الخطاب الخلافة جعل ابا هريرة عاملاً على البحرين وقد عينه معاوية بن ابى سفيان واليا على المدينة فترة من الزمن وكان يقول له: نعم الامير انت يا ابا هريرة. فقد كان وهو امير المدينة يمر فى السوق حاملا الحطب عل ظهره حتى ان احد المسلمين عرض عليه ان يحمل عنه الحطب فرفض وقال لست افضل من احد فيكم.

حفظه وقوة ذاكرته :

كان من أثر ملازمة أبى هريرة للرسول ملازمة تامة، أن اطلع على ما لم يطلع عليه غيره من أقوال الرسول وأعماله، ولقد كان سيء الحفظ حين أسلم، فشكا ذلك إلى رسول الله ، فقال له: افتح كساءك فبسطه، ثم قال له: ضمه إلى صدرك فضمه، فما نسى حديثاً بعده قط. هذه القصة - قصة بسط الثوب - أخرجها أئمة الحديث كالبخارى ومسلم وأحمد، والنسائى، وأبى يعلى، وأبى نعيم.

ثناء الله تعالى والرسول والصحابة والتابعين وأهل العلم عليه:

أكرم الله تعالى الصحابة بآيات كثيرة تثبت لهم الفضل والعدالة، منها ما نزل فى صحابى واحد أو فى أصحاب مشهد معين مع الرسول ،كرضوانه عن الذين بايعوا تحت الشجرة فى الحديبية، ومنها ما نزل فيهم عامة ودخل تحت ظلها كل صحابى، وكذلك أكرم الرسول أصحابه بمثل ذلك من الاستغفار وإعلان الفضل والعدالة لبعضهم أو لطبقة منهم أو لهم عامة. فمن الآيات العامة الشاملة قوله عزوجل ﴿مُحَمَّدٌ رَّسُولُ اللهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّآءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَآءُ بَيْنَهُمْ﴾ الفتح 29، ومن آخر الآيات نزولاً قوله ﴿لَقَد تابَ اللهُ عَلَى النَّبِىِّ وَالْمهَجِرِينَ وَالأَنصَارِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهٌ فِىِ سَاعَةِ العُسْرَةِ مِن بَعْدِ مَا كَادَ يَزِيغُ قُلُوبُ فَرِيقٍ مّنْهُمْ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ إِنهُ بهَمْ رَءُوفٌ رَّحِيمٌ﴾ التوبة 117، سيدنا أبو هريرة واحد من الصحابة ينال أجر الصحبة المطلقة، ويكسب العدالة التى لحقت بهم جميعاً وأثبتتها آيات القرآن الكريم السابقة. وهو ينال شرف دعوة النبى وينال أجر الهجرة إلى الله ورسوله، إذ كانت هجرته قبل الفتح وشرف دعوة النبى له، وأجر الجهاد تحت راية رسول الله ، وأجر حفظ حديث رسول الله وتبليغه. وقال رسول الله (والذى نفس محمد بيده، لقد ظننت أنك أول من يسألنى عن ذلك من أمتى، لما رأيت من حرصك على العلم) وفى رواية قال (لقد ظننت لايسألنى عن هذا الحديث أحد أول منك، لما رأيت من حرصك على الحديث). وعن أبى سعيد الخدرى قال: قال رسول الله (أبوهريرة وعاء من العلم) قال سيدنا زيد بن ثابت: فقلنا: يارسول الله، ونحن نسأل الله علما لاينسى فقال (سبقكم بها الغلام الدوسى) جاء رجل إلى سيدنا ابن عباس فى مسألة، فقال ابن عباس لأبى هريرة : أفته يا أبا هريرة فقد جاءتك معضلة. قال الشافعى: أبو هريرة أحفظ من روى الحديث فى دهره وقال البخارى: روى عنه نحو ثمانمائة من أهل العلم، وكان أحفظ من روى الحديث فى عصره. قال الذهبى: الإمام الفقيه المجتهد الحافظ، صاحب رسول الله ، أبو هريرة الدوسى اليمانى، سيد الحفاظ الأثبات. وقال فى موضع آخر: أبو هريرة إليه المنتهى فى حفظ ما سمعه من الرسول وأدائه بحروفه. وقال أيضاً: كان أبو هريرة وثيق الحفظ، ما علمنا أنه أخطأ فى حديث. وقال أيضاً: هو رأس فى القرآن، وفى السنة، وفى الفقه. وقال: أين مثل أبى هريرة فى حفظه وسعة علمه.

الصحابة الذين روى عنهم ورووا عنه:

روى عن كثير من الصحابة منهم: سادتنا الكرام أبو بكر، وعمر، والفضل بن العباس، وأبى ابن كعب، وأسامة بن زيد، وعائشة . وأما الصحابة الذين رووا عنه: منهم ابن عباس، وابن عمر، وأنس بن مالك، وواثلة بن الأسقع، وجابر بن عبد الله الأنصارى وأبو أيوب الأنصارى .

التابعون الذين رووا عنه: ومن التابعين سعيد بن المسيب وكان زوج ابنته، وعبد الله بن ثعلبة، وعروة ابن الزبير، وقبيصة بن ذؤيب، وسلمان الأغر، وسليمان بن يسار، وعراك بن مالك، وسالم بن عبد الله بن عمر، وأبو سلمة وحميد ابنا عبد الرحمن بن عوف، ومحمد بن سيرين، وعطاء بن أبى رباح، وعطاء بن يسار وكثيرون جداً بلغوا كما قال البخارى: ثمانمائة من أهل العلم والفقه.

عدة ما روى عنه من الحديث: أخرج أحاديثه جمع من الحفاظ من أصحاب المسانيد، والصحاح، والسنن، والمعاجم، والمصنفات، وما من كتاب معتمد فى الحديث، إلا فيه أحاديث عن الصحابى الجليل أبى هريرة . وتتناول أحاديثه معظم أبواب الفقه: فى العقائد، والعبادات، والمعاملات، والجهاد، والسير، والمناقب، والتفسير، والطلاق، والنكاح، والأدب، والدعوات، والرقاق، والذكر والتسبيح ... وغير ذلك.

كثرة حديثه وأسبابها:

كان أبو هريرة يبين أسباب كثرة حديثه فيقول: إنكم لتقولون أكثر أبو هريرة عن النبى ، والله الموعد، ويقولون: ما للمهاجرين لا يحدثون عن رسول الله هذه الأحاديث، وإن أصحابى من المهاجرين كانت تشغلهم أرضوهم والقيام عليها، وإنى كنت امرءاً مسكيناً ألزم رسول الله على ملء بطنى، وكنت أكثر مجالسة رسول الله، أحضر إذا غابوا، وأحفظ إذا نسوا، وإن النبى حدثنا يوماً فقال (من يبسط ثوبه حتى أفرغ فيه من حديثى، ثم يقبضه إليه فلا ينسى شيئاً سمعه منى أبداً) فبسطت ثوبى -أو قال نمرتى- فحدثنى ثم قبضته إلىّ، فوالله ما كنت نسيت شيئاً سمعته منه.

وكان يقول: وأيم الله.. لولا آية فى كتاب الله ما حدثتكم بشيء أبداً، ثم يتلوا ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَتِ وَالْهُدَى مِن بَعْدِ مَا بَيَّنَّهُ لِلنَّاسِ فىِ الْكِتَبِ أُوْلئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّعِنُونَ﴾ البقرة 2: 159. وكان يدعو الناس إلى نشر العلم، وعدم الكذب على رسول الله ، من ذلك ما يرويه عن النبى ، أنه قال (من سئل عن علم فكتمه ألجم بلجام من نار يوم القيامة) وعنه أيضاً (ومن كذب علىّ متعمداً فليتبوأ مقعده من النار) متفق عليه. وقد شهد له إخوانه أصحاب رسول الله بكثرة سماعه وأخذه عن رسول الله ، وهذه الشهادات تدفع كل ريب أو ظن حول كثرة حديثه، حتى إن بعض الصحابة رووا عنه لأنه سمع من النبى الكريم ولم يسمعوا، ومن هذا أن رجلا جاء إلى طلحة ابن عبيد الله، فقال: يا أبا محمد، أرأيت هذا اليمانى- يعنى أبا هريرة - أهو أعلم بحديث رسول الله منكم؟ نسمع منه أشياء لا نسمعها منكم، أم هو يقول عن رسول الله ما لم يقل؟ قال: أما أن يكون سمع ما لم نسمع، فلا أشك، سأحدثك عن ذلك: إنا كنا أهل بيوتات وغنم وعمل، كنا نأتى رسول الله طرفى النهار، وكان مسكيناً ضيفاً على باب رسول الله يده مع يده، فلا نشك أنه سمع ما لم نسمع، ولا تجد أحداً فيه خير يقول عن رسول الله ما لم يقل. وقال فى رواية: قد سمعنا كما سمع، ولكنه حفظ ونسينا. وروى أشعث بن سليم عن أبيه قال: سمعت أبا أيوب الأنصارى يحدّث عن أبى هريرة فقيل له: أنت صاحب رسول الله وتحدّث عن أبى هريرة ؟ فقال: إن أبا هريرة قد سمع ما لم نسمع، وإنى أن أحدث عنه أحبّ إلى من أن أحدث عن رسول الله -يعنى ما لم أسمعه منه. ثم إن جرأة أبى هريرة فى سؤال الرسول أتاحت له أن يعرف كثيراً مما لم يعرفه أصحابه، فكان لا يتأخر عن أن يسأله عن كل ما يعرض له، حيث كان غيره لا يفعل ذلك، قال أٌبى بن كعب: كان أبو هريرة جريئاً على النبى يسأله عن أشياء لا نسأله عنها. كما كان يسأل الصحابة الذين سبقوه إلى الإسلام، فكان لا يتأخر عن طلب العلم، بل كان يسعى إليه فى حياة الرسول ، وبعد وفاته. وهو الذى يروى عنه (من يرد الله به خيراً يفقهه فى الدين).

الصحيفة الصحيحة:

وقد حفظ التاريخ وثيقة علمية قيمة تضمنت ما املاه ابو هريرة على تلميذه همام بن منبه احد اعلام التابعين التقاة الذين التفوا حول الصحابى الجليل ابى هريرة وهذه الوثيقة اطلق عليها (الصحيفة الصحيحة( وقد نقلها الامام احمد بتمامها فى مسنده كما نقل الامام البخارى عددا كبيرا من احاديثها فى صحيحه. وقد قال ابو هريرة عن نفسه "ما من احد من اصحاب النبى احفظ لحديثه منى، اللهم إلا عبد الله بن عمر فإنه كان يكتب اما انا فأسمع واحفظ ولا اكتب".

مرضه ووفاته:

لما حضرته المنية قال: لاتضربوا على فسطاطاً، ولاتتبعونى بنار وأسرعوا بى إسراعاً، فإنى سمعت رسول الله يقول (إذا وضع الرجل الصالح - أو المؤمن - على سريره قال: قدمونى، وإذا وضع الرجل الكافر - أو الفاجر - على سريره، قال ياويلى أين تذهبون بى؟ وكانت وفاته فى السنة التى توفيت فيها عائشة أم المؤمنين عام 58 هـ.

اللهم بجاه حبيبك المحبوب وبجاه آل البيت الاكرمين وبجاه الصحابة الكرام وبجاه أهل السلسة أهل الكرم والجود اكرمنا أجمعين بسيدنا أبوهريرة وأرزقنا الحفظ والفهم وأجمعنا وأحشرنا معهم أجمعين فى الدنيا والآخرة, ويحمد عند الله عبد مجاهد.

سمير جمال

 

 

 

المحدثين

 

سأل سائل سيدنا على عن احاديث البدع وعما فى أيدى الناس من أختلاف الخبر. فقال سيدنا على :

إن فى أيدى الناس حقا وباطلا. وصدقاً وكذباً وناسخاً ومنسوخاً وعاماً وخاصاً. ومحكم ومتشابهاً. وحفظاً ووهماً. ولقد كذب على رسول الله على عهده حتى قام خطيباً فقال (من كذب على متعمداً فليتبوأ مقعده من النار).

وإنما أتاك بالحديث أربعة رجال ليس لهم من خامس:

رجل منافق مظهر للأيمان، متصنع بالاسلام لا يتأثم ولا يتحرج، يكذب على رسول الله متعمداً، فلو علم الناس أنه منافق كاذب لم يقبلوا منه ولم يصدقوا قوله، ولكنهم قالوا صاحب رسول الله رأى وسمع منه ولقف عنه فيأخذون بقوله، وقد أخبرك الله عن المنافقين بما أخبرك، ووصفهم بما وصفهم به لك، ثم بقوا بعده فتقربوا إلى أئمة الضلالة والدعاة إلى النار بالزور والبهتان، فولوهم الاعمال وجعلوهم حكاما على رقاب الناس، وأكلوا بهم الدنيا. وإنما الناس مع الملوك والدنيا إلا عصم الله فهو أحد الأربعة.

ورجل سمع من رسول الله شيئاً لم يحفظة على وجهه فوهم فيه ولم يتعمد كذباً فهو فى يديه ويرويه ويعمل به ويقول أنا سمعته من رسول الله ، فلو علم المسلمون أنه وهم فيه لم يقبلوه منه، ولو علم هو أنه كذلك لرفضه.

ورجل ثالث سمع من رسول الله شيئاً يأمر به ثم نهى عنه وهو لا يعلم، أو سمعه ينهى عن شئ ثم أمر به وهو لا يعلم، فحفظ المنسوخ ولم يحفظ الناسخ، فلو علم أنه منسوخ لرفضه، ولو علم المسلمون إذ سمعوه منه أنه منسوخ لرفضوه.

وآخر رابع لم يكذب على الله ولا على رسوله مبغض للكذب خوفاً من الله وتعظيماً لرسول الله ولم يهم - لم يخطئ - بل حفظ ما سمع على وجهه، فجاء به على ما سمعه لم يزد فيه ولم ينقص منه، فحفظ الناسخ فعمل به، وحفظ المنسوخ فجنب عنه، وعرف الخاص والعام فوضع كل شئ موضعه، وعرف المتشابه ومحكمه.

وقد كان يكون من رسول الله الكلام له وجهان: فكلام خاص وكلام عام، فيسمعه من لا يعرف ما عنى الله به ولا ماعنى رسول الله ، فيحمله السامع ويوجهه على غير معرفة بمعناه وما قصد به وما خرج من أجله. وليس كل أصحاب رسول الله من كان يسأله ويستفهمه حتى أن كانوا ليحبون أن يجئ الاعرابى والطارئ فيسأله حتى يسمعوا. وكان لا يمر بى شئ إلا سألت عنه وحفظته فهذه وجوه ما عليه الناس فى أختلافهم وعللهم فى رواياتهم... انتهى كلام سيدنا على.

اللهم يسر لنا تلقى علم الحديث عمن فهموا وعلموا عن رسول الله كل صغيرة وكبيرة.

يقول الإمام فخر الدين:

عنى عن المعصوم جل ثناؤه    من ظن بى خيرا له خيران

التلميذ

 

من أراد الاستزادة فى هذا الموضوع فليتتبع صفحات الصحابة فى موقع الأحباب

أسرة التحرير