يحاول بعض الناس أما عمدا أو جهلا أن يخدعوا أنظار المسلمبن عما كان عليه السلف الصالح ويدعون معرفتهم ويتسببون فى حيرة الناس حتى أنهم ليتسائلون:

أليس المقصود بذكرِ الله هو قراءة القرآن؟

 

يدعى بعض الجهلاء بالدين هذا ولكنا نقول لمن أراد الهداية إعلم ياأخى هداك الله أن الذّكر يأتى بمعانٍ شتى ولكن البعض يردد هذه المقولة التى تُقصِر معنى الذّكر على قراءة القرآن لينفى بذلك الذكر بترديد الاسم الله، وهذا افتراء وصد عن سبيل الله علماً بأن الآيات التى تثبت الذكر بالاسم الله كثيرة ولكنهم يمرون عليها صماً وعمياناً رافضين الهداية والرشاد ﴿مَنْ يَهْدِ اللهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ وَلِيًّا مُرْشِدًا﴾ الكهف 17، ولكن من هدى الأولياء المرشدين نسوق إليك الآيات التى تدحض مقولتهم وبالله التوفيق.

الآية الأولى ﴿إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آَيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ﴾ الأنفال 2، واضح أن ذكر الله هنا شىء وتلاوة القرآن شىء آخر.

الآية الثانية ﴿إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا﴾ الأحزاب 35، ترقيات فى الدين أعلاها الذاكرين الله وواضح من الآية أن الصوم شىء وذكر الله المراد هنا شىء آخر.

الآية الثالثة ﴿فَإِذَا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفَاتٍ فَاذْكُرُوا اللهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ﴾ البقرة 198، ﴿فَإِذَا قَضَيْتُمْ مَنَاسِكَكُمْ فَاذْكُرُوا اللهَ كَذِكْرِكُمْ آَبَاءَكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْرًا﴾ البقرة 200، يعنى لو أنك اعتبرت أن الحج ذكر قلنا لك ﴿فَإِذَا قَضَيْتُمْ مَنَاسِكَكُمْ فَاذْكُرُوا اللهَ﴾ يعنى إيه حجوا تانى؟ لا يمكن أبداً، إذاً فيه ذكر آخر مطلوب.

الآية الرابعة ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا نُودِىَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانْتَشِرُوا فِى الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللهِ وَاذْكُرُوا اللهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾ الجمعة 10،9، فإذا قلت أن الصلاة ذكر قلنا لك بعد الصلاة أنت مطالب بنص الآية بذكر آخر.

الآية الخامسة ﴿وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ بُكْرَةً وَأَصِيلًا﴾ الإنسان 25، واضح هنا المطالبة بذكر الاسم تعالى وتبارك.

الآية السادسة ﴿وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ وَتَبَتَّلْ إِلَيْهِ تَبْتِيلًا﴾ المزمل 8، اسم ربنا معروف والتبتل هو انقطاع النظير وعندما نزلت هذه الآية لم يكن قد نزل من القرآن إلا كلمات معدودة فماذا كان يفعل رسول الله ؟ كان يتبتل بذكر الاسم الله تبارك وتعالى.

الآية السابعة ﴿إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أَدْنَى مِنْ ثُلُثَىِ اللَّيْلِ وَنِصْفَهُ وَثُلُثَهُ وَطَائِفَةٌ مِنَ الَّذِينَ مَعَكَ وَاللهُ يُقَدِّرُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ عَلِمَ أَنْ لَنْ تُحْصُوهُ فَتَابَ عَلَيْكُمْ فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآَنِ عَلِمَ أَنْ سَيَكُونُ مِنْكُمْ مَرْضَى وَآَخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِى الْأَرْضِ يَبْتَغُونَ مِنْ فَضْلِ اللهِ وَآَخَرُونَ يُقَاتِلُونَ فِى سَبِيلِ اللهِ فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآَتُوا الزَّكَاةَ وَأَقْرِضُوا اللهَ قَرْضًا حَسَنًا﴾ المزمل 20، نجد فى الآية 8 من سورة المزمل قد طالب المولى تبارك وتعالى رسوله الكريم بالتبتل فى الذكر وفى نفس السورة الآية 20 طالبنا بقراءة اليسير من القرآن بسبب القتال فى سبيل الله والسعى على الرزق رغم أنه قد طالبنا سبحانه بالذكر الكثير فى لقاء الأعداء فقال ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا وَاذْكُرُوا اللهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾ الأنفال 45، وهنا تأكيد على أن الذكر هنا غير قراءة القرآن.

الآية الثامنة ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اذْكُرُوا اللهَ ذِكْرًا كَثِيرًا وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا﴾ الأحزاب 42،41، فإن قلت أن الذكر هو التسبيح قلنا لك إقرأ الآية جيداً فإن ذكر الله شىء والتسبيح شىء آخر وإن قلت ياالله قلنا لك هذا نداء أما الذكر فهو ترديد اسم المحبوب دون طلب لمنفعة أو دفع لمضرة. أى تقول: الله. الله. الله ومن الأحاديث الكثير نذكر منها: عن أبى سعيد الخدرى عن رسول الله (أكثروا ذكر الله حتى يقولوا مجنون) أخرجه أحمد، وعبد بن حميد، وأبو يعلى، وابن السنى، وابن شاهين فى الترغيب فى الذكر، وابن حبان، والحاكم، والبيهقى فى شعب الإيمان، والضياء عن أبى سعيد، جمع الجوامع للسيوطى.

جعلنا الله من الذاكرين الله كثيراً والذاكرات.

وإلى لقاء آخر بإذن الله تعالى والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

محمد مقبول