عداوة إبليس لآدم

أمر ربنا المعبود الملائكة بالسجود لآدم تكريما ولشأنه تعظيما فسجدوا طاعة لحكمه وامتثالا لأمره إلا إبليس الملعون أبى حسدا واستكبارا, ولم أقرأ أو أسمع عن مخلوق قبله فعل هذا الفعل, فكان هو أول حاسد وحاقد وأول من أبى أى أمتنع باختياره وأول من استكبر والاستكبار زيادة فى التنكير وتشبع به والتنكير هو أن يرى نفسه أكبر قدرا وحظا وتعظيما... الخ ممن حوله, والدليل على هذا الكلام أن الله سبحانه وتعالى لما عاتبه على معصيته أصر عليها وأقام على غيه فلعنه الله وطرده من الجنة وسلبه ما كان إليه من ملك سماء الدنيا والأرض, فلا سالف طاعة نفعه, ولا آنف رجعة رفعه, ولا شفاعة شفيع أدركته, ولا سابق عناية أمسكته, ومن غلبه القضاء لا ينفعه العناء, واختلفوا فى كون إبليس أهو من الملائكة أم لا؟ فقال بعضهم أنه من الملائكة لأن الاستثناء الموجود فى الآية استثناء منهم فدل ذلك على دخوله منهم وقالوا أنه كان هناك نوع من الملائكة يسمى الجن لأنهم كانوا خزنة الجنة فجاء هذا المسمى منها وكان إبليس منهم.

وقال البعض الآخر أنه ليس من الملائكة والاستثناء هنا منقطع لأنه من غير الجنس ومثال لهذا قوله تعالى ﴿مالهم به من علم إلا اتباع الظن وهذا استثناء منقطع. وقيل أنه من الجن الأرضيين المخلوق من النار كما ذكر بلسانه لما طُلب منه السجود لآدم فأبى, ولكثرة عبادته تلطف فصار من نور النار, كما يحدث فى الإنسان إذا داوم على الذكر والتزم مع الله بالطاعة والعبادة تلطف جسده فغلبت روحه طينته فيطغى نور الروح على ظلمة الجسد فيصير عبداً نورانياً.

أما عن اسمه إبليس فقالوا اشتق من الإيلاس وهو اليأس من الخير كما فى قوله تعالى ﴿فإذا هم مبلسون أى أيسون من الخير.

لما طرد إبليس من الجنه قال: يا رب أخرجتنى من الجنة من أجل آدم وإننى لا أقوا عليه إلا بسلطانك, قال تعالى: فأنت مسلط عليه, قال اللعين: زدنى, قال تعالى: لا يولد له ولد إلا ولد لك مثله، قال: زدنى, قال تعالى: صدورهم مساكن لك وتجرى منهم مجرى الدم، قال: زدنى, قال تعالى: اجلب عليهم بخيلك ورجالك وشاركهم فى الأموال والأولاد وعدهم، فلما سمع آدم ذلك قال: يا رب قد أنظرته وسلطته على وإننى لا امتنع منه إلا بك, قال تعالى: لا يولد لك ولد إلا وكلت من يحفظه من قرناء السوء، قال: يا رب زدنى, قال تعالى: الحسنة بعشر أمثالها وأزيدها والسيئة بواحدة وأمحوها، قال: يا رب زدنى, قال تعالى: اغفر ولا أبالى، قال آدم: حسبى .

وروى عن رسول الله أنه قال: (إن إبليس اللعين قال: يا رب إن شأن عبادك عجيب أحبوك وعصوك, وأبغضونى وأطاعونى, فأوحى الله تعالى إليه: وعزتى وجلالى لأجعلن حبهم لى كفارة لطاعتك, وبغضهم لك كفارة لمعصيتى).

كان أدم يسير فى الجنة منفردا لا يجد أحدا من جنسه يألفه ويسكن إليه فألقى عليه النوم فلما استيقظ وجد عند رأسه مخلوقه  تشبهه فى حنسه فسألها :من أنت؟ قالت: امرأة, قال: ولم خلقت؟ قالت: لتسكن إلىّ, فقالت له الملائكه ليعرفوا ما بلغ علمه. ما اسمها يا أدم؟ قال: حواء, قالوا : لما سميت حواء؟ قال: لأنها خلقت من حى.

فهى خلقت من ضلعه من الجانب الأيسر له, فانظر معى ما يريده الله ان يصل الينا ألا وهو التوحيد فما آدم وحواء إلا آدم فقط أى آدم واحد البشر وكلنا منه فإذا رددت كل فرد منا إلى أصله لا يبقى إلا أدم.

ربنا سبحانه وتعالى قال لأدم ﴿اسكن أنت وزوجك الجنه وكلا منها رغدا حيث شئتما ولا تقربا هذه الشجرة فتكونا من الظالمين لما عرف إبليس هذا ازداد حقده على أدم فوقف فى الطريق إليها بعد أن منعته خزنتها من الدخول فيها يعرض نفسه على كل داخل كى يصحبه معه فرفضوا وقالوا فى قصه دخوله أنه رأى الطاووس داخل إلى الجنة فتحايل عليه بأنه ملك وأنه يريد دخول الجنة لسبب ما، فقال الطاووس أنه لا أستطيع أن يدخله الجنة ولكنه يعرف من يقدر على ذلك ودله على الحية وذهب الطاووس إليها قائلاً إن بالباب ملك كريم يريد أن تدخليه الجنة ولك عنده نصيحه أو خير وكانت الحية فى ذلك الوقت تشبه البعير بل أجمل بكثير لها قوائم أربع تسير فى الجنة بخيلاء فخرجت إليه, وقالوا فى رواية أخرى أنه التقى الحية مباشرة ولم يكن بينهما وسيط، المهم أنه لما خرجت إليه تسأله ماذا يريد؟ وما هى النصيحة أو الخير؟ أخذها بالحيلة والدهاء كى توافق على اصطحابه, فقال لها: إن آدم وأبنائه سوف يأذونها بغير سبب ولن يتركوها بأمان وأنه الوحيد القادر على حمايتها والوقوف معها ضد آدم وأبنائه ويكون عونا لها إن حاولوا أذيتها، وظل ورائها حتى وافقت وسألته كيف ادخل بك والخزنة واقفون على الباب وقد يرونك، قال لها: ادخلينى فى فمك وامسكينى بأنيابك فلن يرانى احد, فأدخلته فى فمها ومرت به فلم يكن يوماً عوناً لها ولا حامى الحمى فكان هدفه الأساسى هو محاربة آدم وطرده من الجنة والانتصار عليه, طلب من الحية أن تضعه بجوار الشجرة المحظورة.

كان آدم يطوف فى الجنة يتأمل فى جمالها وروعة تكوينها وما فى من سلام وأمان وكلما اقترب جهة الشجرة نفر عنها للعهد الذى بينه وبين ربه, وأثناء طوافه فيها راودته فكرة الخلود والبقاء فيها قالوا إنه تلفظ بهذه الكلمات فسمعها إبليس اللعين فوقف فى طريق آدم وقال له: هل أدلك على شجرة الخلد وملك لا يبلى، فاستمع آدم له فقال إنها الشجرة التى منعك الله إياها وما منعك إلا أن تكون ملكاً أو تصير من الخالدين, فلما سمع آدم كلامه عن الشجرة المحظورة تركه رافضاً كلامه, فلما لم يجد إبليس اللعين أى حيلة يحتال بها على آدم كى يرجع عما تعهد به, ذهب إلى حواء ومعه ثمرة من ثمار هذه الشجرة وقال لها: انظرى إلى جمال هذه الثمرة وظل يوصف فى فوائدها وأنها لو أكلت منها هى وآدم سوف يحيا فى الجنة ولا يموتا أبدا وقسم الثمرة إلى نصفين فأكل نصف أمامها حتى تقتنع وأعطاها النصف الآخر فذهبت إلى آدم به وحاولت أن تقنع أدم بأكلها ولكنه أبى فأخذت جزء منها وأكلته وقالت له: انظر لم يحدث شئ, وأقسم لها اللعين أنه لصادق وأنه لمن الناصحين فلما رآها آدم لم يحدث لها شئ أخذ الجزء الباقى وأكل منه, فزال عنهما اللباس فحاول أن يختبئ بالأشجار أو يأخذ من أوراقها ليداروا سوأتهما ولكن الأشجار كانت تنفر منهما وتبتعد عنهما إلا شجرة واحدة رأفت بهما قالوا أنها شجرة التين فأخذا من أوراقها ليخفيا ما ظهر منهما وقالوا لهذا الفعل من هذه الشجرة كرمها الله بحلاوة ثمارها وعدم احتوائها على بذور وسهولة امتصاصها وهضمها, بعد هذا حاول آدم الفرار والاختباء فأمسكت برأسه شجرة فناداه ربه: يا آدم أمنى تفر؟ قال: لا ولكنى استحى منك يا رب, قال: أما كان لك فيما منحتك من الجنة وأبحت منها مندوحة عما حرمت عليك؟ قال: بلى يا رب وعزتك ما حسبت أن أحداً يحلف بك كذبا, قال تعالى ﴿اهبطوا بعضكم لبعض عدو ولكم فى الأرض مستقر ومتاع إلى حين وابتدأت حربنا الضروس بيننا وبين اللعين المنحوس فكل يوم يزداد كبر فوق كبر وحقد على حقد.

روى فى الخبر أنه لقى سيدنا موسى فقال: يا موسى أنت الذى اصطفاك الله برسالته وكلمك تكليما, أنا أريد أن أتوب فاشفع لى إلى ربى أن يتوب على, قال موسى: نعم, فدعا ربه فقيل: يا موسى ادعوه للسجود لقبر آدم فيتوب الله عليه, فلقى موسى إبليس فقال له: قد أمرت أتسجد لقبر آدم ويتاب عليك, فاستكبر اللعين وغضب وقال: لم أسجد له حياً أسجد له ميتاً؟ ثم قال: يا موسى إن لك على حقا بما شفعت لى إلى ربك فاذكرنى عند ثلاث لا أهلكك فيهن:

- اذكرنى حين تغضب فإنى أجرى منك مجرى الدم.

- واذكرنى حين تلقى الزحف فإنى آتى ابن آدم حين يلقى الزحف فأُذكره ولده وزوجته حتى يولى.

- وإياك أن تجالس امرأه ليست بذات محرم فإنى رسولها إليك ورسولك إليها.

ياله من كبر وحقد لآدم حتى فى مماته, وقالوا إن فى آخر الزمان عند قيام الساعة يُؤمر عزرائيل بقبض روح إبليس فيهرب فى بقاع الأرض خوفا من الموت ولا يجد مكان يحتمى به إلا قبر آدم فيسجد عنده ويقال له: لما سجدت لآدم الأن؟ فيقول فى تعنت وكبر: أهو قبره لم أعلم ولو كنت أعلم لما سجدت.

هبط آدم وحواء، وهبطت الحيه بعد أن مسخ شكلها وأصبحت تسير على بطنها وتحمل السم فى أنيابها بسب اختباء إبليس بينها وخرس لسانها ونزلت بأصبهان وأما إبليس اللعين فنزل بأرض العراق قرب البصرة أعور العين ينتعل فرده واحده قالوا نزل مختصرا ولهذا يكره الاختصار ...

وللحديث بقية ...

أحمد نور الدين عباس

 
 

أصول القراءات

هل تعلم أنه اشتهر فى الآفاق الأئمة السبعة فى القراءات وقد أخذوا قراآتهم عن الصحابة والتابعين وهم:

 1 - نافع: وقد أخذ عن سبعين من التابعين منهم أبو جعفر.

 2 - ابن كثير: وأخذ عن عبد الله بن السائب الصحابى.

 3 - أبو عمرو: وأخذ عن التابعين.

 4 - ابن عامر: وأخذ عن أبى الدرداء وأصحاب عثمان.

 5 - عاصم: وأخذ عن التابعين.

 6 - حمزة: وأخذ عن عاصم والأعمش والسبيعى ومنصور بن المعتمر وغيره.

 7 - الكسائى: وأخذ عن حمزة وأبى بكر بن عياش.

وبعد ذلك جاء الرواة بعد أن انتشرت القراءات فى الأقطار وتفرقوا أمما بعد أمم،

واشتهر من رواة كل طريق من طرق القراءات السبعة راويان:

- فعن نافع: قالون وورش عنه.

- وعن ابن كثير: قنبل والبزى عن أصحابه عنه.

- وعن أبى عمرو: الدورى والسوسى عن اليزيدى عنه.

- وعن ابن عامر: هشام وابن ذكوان عن أصحابه عنه.

- وعن عاصم: أبو بكر بن عياش وحفص عنه.

- وعن حمزة: خلف وخلاد عن سليم عنه.

- وعن الكسائى: الدورى وأبو الحارث.

راغب