البشارة والنبوة

ما مضت فترة من الرسل من لدن سيدنا آدم إلى نبينا محمد إلا وبشرت الأنبياء ببعثة رسول الله وحبيبه سيدنا محمد وأنه نبى الأنبياء المقدم عليهم وهم التابعون له وأممهم، قال ابن عباس: ما بعث الله نبياً إلا أخذ عليه العهد، لئن بعث محمد وهو حى ليتبعنه، وأخذ عليه أن يأخذ على أُمّته لئن بعث محمد وهم أحياء ليتبعنه وينصرنه.

وقال محمد بن اسحاق وكانت الأحبار من اليهود والكهان من النصارى ومن العرب قد تحدثوا بأمر رسول الله قبل مبعثه لما تقارب زمانه أما الأحبار من اليهود والرهبان من النصارى فعما وجدوا فى كتبهم من صفته وصفة زمانه وما كان من عهد أنبيائهم وأما الكهان من العرب فأتتهم به الشياطين من الجن مما تسترق من السمع إذ كانت قبل مبعثه لا تحجب عن ذلك بالقذف بالنجوم وكان الكاهن والكاهنة لا يزال يقع منهما بعض ذكر أموره ولا يلقى العرب لذلك فيه بالا حتى بعثه الله تعالى ووقعت تلك الأمور التى كانوا يذكرون فعرفوها فلما تقارب أمر رسول الله وحضر زمان مبعثه حجبت الشياطين عن السمع وحيل بينها وبين المقاعد التى كانت تقعد لاستراق السمع فيها فرموا بالنجوم فعرفت الشياطين أن ذلك لأمر حدث من أمر الله عز وجل.

بشرى الأنبياء

 

ما مضت فترة من الرسل من لدن سيدنا آدم إلى نبينا محمد إلا وبشرت الأنبياء ببعثة رسول الله وحبيبه سيدنا محمد وأنه نبى الأنبياء المقدم عليهم وهم التابعون له وأممهم، قال ابن عباس: ما بعث الله نبياً إلا أخذ عليه العهد، لئن بعث محمد وهو حى ليتبعنه، وأخذ عليه أن يأخذ على أُمّته لئن بعث محمد وهم أحياء ليتبعنه وينصرنه، ويشهد على ذلك القرآن فى مواضع شتى منها:

·   بشَّر به سيدنا إبراهيم حين بنى الكعبة وتوجه إلى الله بالدعاء وقال ﴿رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولاً مِنْهُمْ﴾ وكان نبينا هو مقصود دعوة سيدنا إبراهيم ومَرامِها.

·   قوله تعالى ﴿وإذْ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَْريَمَ يَا بَنِى إسْرَائِيلَ إنِّى رَسُولُ اللهِ إِليْكُم مُصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَىَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَمُبَشِّراَ بِرَسُولٍ يَأْتِى مِن بَعْدِى اسْمُهُ أَحْمَدُ﴾.

·   وقال الله تعالى ﴿الذين يتبعون الرسول النبى الأمى الذى يجدونه مكتوبا عندهم فى التوراة والإنجيل يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر ويحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث ويضع عنهم إصرهم والأغلال التى كانت عليهم فالذين آمنوا به وعزروه ونصروه واتبعوا النور الذى...﴾ الآية. أخرج ابن سعد وابن أبى حاتم وأبو الشيخ عن قتادة قال: يجدون نعته وأمره ونبوته مكتوبا عندهم.

·   وأخرج ابن سعد وأحمد عن رجل من الأعراب قال: جلبت حلوبة إلى المدينة فى حياة رسول الله ، فلما فرغت من بيعتى قلت: لألقين هذا الرجل ولأسمعن منه. فتلقانى بين أبى بكر وعمر يمشيان، فتبعتهما حتى أتيا على رجل من اليهود ناشر التوراة يقرؤها يعزى بها نفسه عن ابن له فى الموت كأحسن الفتيان وأجمله، فقال رسول الله (أنشدك بالذى أنزل التوراة، هل تجدنى فى كتابك ذا صفتى ومخرجى؟) فقال برأسه هكذا؛ أى لا. فقال ابنه: أى والذى أنزل التوراة إنا لنجد فى كتابنا صفتك ومخرجك، وأشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله. فقال (أقيموا اليهودى عن أخيكم)، ثم ولى كفنه والصلاة عليه.

·   وأخرج ابن سعد والبخارى وابن جرير والبيهقى فى الدلائل عن عطاء بن يسار قال: لقيت عبد الله بن عمرو بن العاصى قلت: أخبرنى عن صفة رسول الله . قال: أجل - والله - إنه لموصوف فى التوراة ببعض صفته فى القرآن ﴿يا أيها النبى إنا أرسلناك شاهدا ومبشرا ونذيرا﴾ وحرزا للأميين، أنت عبدى ورسولى سميتك المتوكل، ليس بفظ ولا غليظ ولا صخاب فى الأسواق، ولا يجزى بالسيئة السيئة ولكن يعفو ويصفح، ولن يقبضه الله حتى يقيم به الملة العوجاء بأن يقولوا: لا إله إلا الله. ويفتح به أعينا عميا، وآذانا صما، وقلوبا غلفا.

·   وقوله تعالى مخاطبا اليهود ﴿وأوفوا بعهدى أوف بعهدكم﴾، قال: بعهدى الذى أخذت فى أعناقكم للنبى إذا جاءكم، فإن فعلتم أنجزْ لكم ما وعدتكم عليه من تصديقه واتباعه.

·   وقوله تعالى ﴿فلما جاءهم بالبينات قالوا هذا سحر مبين﴾ قال ابن جريج، ﴿فلما جاءهم﴾ أحمد أى المبشر به فى الأعصار المتقادمة المنوه بذكره فى القرون السالفة، لما ظهر أمره وجاء بالبينات قال الكفرة والمخالفون ﴿هذا سحر مبين﴾.

·   وكذا قوله تعالى ﴿وإذ صرفنا إليك نفرا من الجن يستمعون القرآن فلما حضروه قالوا أنصتوا فلما قضى ولوا إلى قومهم منذرين قالوا يا قومنا إنا سمعنا كتابا أنزل من بعد موسى مصدقا لما بين يديه يهدى إلى الحق وإلى طريق مستقيم﴾ الآيات.

·   وقال الله تعالى ﴿محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم تراهم ركعا سجدا يبتغون فضلا من الله ورضوانا سيماهم فى وجوههم من أثر السجود ذلك مثلهم فى التوراة ومثلهم فى الانجيل...﴾ الآية، والمعنى أنه وأصحابه مذكورين بصفاتهم فى التوراة والإنجيل.

·   وقال الله تعالى ﴿وإذ أخذ الله ميثاق النبيين لما آتيتكم من كتاب وحكمة ثم جاءكم رسول مصدق لما معكم لتؤمنن به ولتنصرنه قال أأقررتم وأخذتم على ذلكم إصرى قالوا أقررنا قال فاشهدوا وأنا معكم من الشاهدين﴾، وفى معناها قال الإمام على وسيدنا عبد الله بن عباس وتبعهم الحسن وطاوس وقتادة ’إن الله تعالى أخذ على كل نبى بعثه من لدن آدم إلى محمد أن من أدرك محمداً وهو حى ليؤمنن به ولينصرنه‘ فكان الأنبياء يأخذون الميثاق من أممهم بالإيمان به والتصديق برسالته والنصرة له لمن أدركه منهم. فهو نبى الأنبياء وجميعهم تحت لوائه وكما قال فى حديث سيدنا أنس (وَبِيَدِى لِوَاءُ الحَمْدِ، آدَمَ فَمَنْ دُونَهُ تَحْتَ لِوَائِى) أخرجه أحمد فى مسنده.

·   وعن أبى هريرة مرفوعا فى قول الله تعالى ﴿وإذ أخذنا من النبيين ميثاقهم ومنك ومن نوح﴾ قال رسول الله (كنت أول النبيين فى الخلق وآخرهم فى البعث).

قال محمد بن إسحاق، عن خالد بن معدان، عن أصحاب رسول الله أنهم قالوا: يا رسول الله أخبرنا عن نفسك، قال (دعوة أبى إبراهيم، وبُشْرى عيسى، ورأت أُمى حين حملت بى كأنه خرج منها نور أضاءت له قصور بصرى من أرض الشام).

أما فى الملأ الأعلى فقد كان أمره مشهورا مذكورا معلوما من قبل خلق آدم كما قال الإمام أحمد عن العرباض بن سارية قال: قال رسول الله (إنى عبد الله خاتم النبيين وإن آدم لمنجدل فى طينته وسأنبئكم بأول ذلك دعوة أبى إبراهيم وبشارة عيسى بى ورؤيا أمى التى رأت وكذلك أمهات المؤمنين) وقد رواه الليث عن معاوية بن صالح وقال ’إن أمه رأت حين وضعته نورا أضاءت منه قصور الشام‘، وقال الإمام أحمد أيضا عن ميسرة الفجر قال: قلت: يا رسول الله متى كنت نبيا؟ قال (وآدم بين الروح والجسد)، وعن أبى هريرة قال سئل رسول الله : متى وجبت لك النبوة؟ قال (بين خلق آدم ونفخ الروح فيه) ورواه من وجه آخر عن الأوزاعى به وقال (وآدم منجدل فى طينته)، وعن ابن عباس قيل: يا رسول الله متى كنت نبيا؟ قال (وآدم بين الروح والجسد)، والمعنى أنه نبئ قبل خلق آدم ولذا وجب على الأنبياء جميعا الإيمان به.

وللحديث بقية ,,,

خالد محمد

 

ومن أراد الاستزادة فليطلع على موقع النبى

أسرة التحرير