كان .. ما .. كان

هاروت وماروت

لما رأت الملائكة ما يصعد إلى السماء من أعمال خبيثة لبنى آدم فى زمن سيدنا إدريس ، عيروهم بذلك وقالوا: يا ربنا هؤلاء الذين جعلتهم خليفة فى الأرض يعصونك؟ فقال الله تعالى: لو أنزلتكم إلى الأرض وركبت فيكم ما ركبت فيهم لارتكبتم ما ارتكبوا، قالوا: سبحانك ما كان ينبغى لنا أن نعصيك، فقال تعالى: فاختاروا ملكين من خياركم أهبطهما إلى الأرض، فاختاروا هاروت وماروت، وكانا من أعبد الملائكة، فركب الله تعالى فيهما الشهوة، وأمرهما أن يحكما فى الأرض بين الناس بالحق، ونهاهما عن الشرك، والقتل بغير الحق، والزنا وشرب الخمر، فكانا يقضيان بين الناس نهاراً، فإذا أمسيا ذكرا إسم الله الأعظم وصعدا إلى السماء، وذات يوم جاءت إمرأة يقال لها الزهرة تختصم إليهما، وكانت من أجمل النساء من أهل فارس، فأخذت بقلبيهما فراودوها عن نفسها فأبت ثم عادت فى اليوم الثانى، ففعلا مثل ذلك فأبت، وقالت: إلا أن تعبدا ما أعبد، وتصليا لهذا الصنم، وتقتلا النفس وتشربا الخمر، فأبيا هذه الأشياء، وقالا: إن الله نهانا عنها، فانصرفت ثم عادت فى اليوم الثالث، فراودوها فعرضت عليما ما قالت بالأمس، فقالا: الصلاة لغير الله ذنب عظيم، وأهون الثلاث شرب الخمر فشربا وانتشيا ووقعا بالمرأة، فلما فرغا رآهما إنسان فخافا أن أن يظهر عليهما فقتلاه، وكانت قد اشترطت عليهما أيضاً أن يخبراها بالذى يصعدان به إلى السماء، فقالا: باسم الله الأعظم، فعلماها ذلك، فتكلمت به فصعدت إلى السماء، فَمُسِخَت كوكباً، ولذلك كان عليه الصلاة والسلام إذا رأى سهيلاً قال (لعن الله سهيلا ) ثلاث مرار ( فإنه كان يعشر الناس فى الأرض فمسخه الله شهابا) رواه الطبرانى فى معجمه الكبير، وكان عليه الصلاة والسلام يقول (لعن الله الزهرة فإنما هى التى فتنت الملكين هاروت وماروت) رواه ابن راهوية وابن مردوية عن على، ولما قارفا الذنب وجاء المساء هَمّا بالصعود فلم تطاوعهما أجنحتهما فعلما ما حَلّ بهما، فقصدا سيدنا إدريس ، فأخبراه ما كان من أمرهما، وسألاه أن يشفع لهما عند الله، فشفع فيهما، وخيرهما الله تعالى بين عذاب الدنيا وعذاب الآخرة، فاختارا عذاب الدنيا لانقطاعه، فهما يعذبان فى بئر ببابل، منكسان معلقان بالسلاسل من أرجلهما مزرقة أعينهما ليس بينهما وبين الماء إلا قدر أربعة أصابع، وهما يعذبان بالعطش، وقالوا أن دخان الدنيا داخل فى أنفيهما زيادة فى العذاب، وهما موجودان ببابل فى العراق، قال تعالى ﴿وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولَا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلَا تَكْفُرْ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِى الْآخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ﴾ الآية 102 سورة البقرة.

وفى رواية عن السيدة عائشة أم المؤمنين أنها قالت: قدمت على إمرأة من أهل دومة الجندل تبتغى رسول الله بعد موته لتسأله عن شئ دخلت فيه من أمر السحر ولم تعمل به، قالت: كان لى زوج غاب عنى، فدخلت على عجوز فشكوت إليها، فقالت: إن فعلت ما آمرك به فأجعله يأتيك، فلما كان الليل جائتنى بكلبين أسودين فركبت أحدهما وركبت الآخر، فلم يكن مكثى حتى وقفنا ببابل فإذا أنا برجلين معلقين بأرجلهما فقالا: ما جاء بك؟ فقلت: أتعلم السحر فقالا: إنما نحن فتنة فلا تكفرى و ارجعى، فأبيت وقلت: لا، قالا: فاذهبى إلى ذلك التنور فبولى فيه، فذهبت وفزعت فلم أفعل فرجعت إليهما فقالا لى: فعلت؟ قلت: نعم، قالا: هل رأيت شيئاً؟ فقلت: لم أر شيئاً فقالا: لم تفعلى ارجعى إلى بلادك ولا تكفرى، فأبيت، فقالا: اذهبى إلى ذلك التنور فبولى فيه، فذهبت فاقشعر جلدى وخفت ثم رجعت إليهما فقالا: ما رأيت؟ فقلت: لم أر شيئاً فقالا: كذبت لم تفعلى ارجعى إلى بلادك ولا تكفرى فإنك على رأس أمرك، فأبيت، فقالا: اذهبى إلى ذلك التنور فبولى فيه، فذهبت فبلت فيه فرأيت فارساً متقنعا بحديد خرج منى حتى ذهب فى السماء فغاب عنى حتى ما أراه، فأتيتهما فقلت: قد فعلت، فقالا: فما رأيت؟ قلت: رأيت فارساً متقنعا بحديد خرج منى فذهب فى السماء فغاب عنى حتى ما أراه، قالا: صدقت ذلك إيمانك خرج منك اذهبى، فقلت للمرأة: والله ما أعلم شيئا وما قالا لى شيئا، فقالا: بلى إن تريدين شيئاً إلا كان خذى هذا القمح فابذرى فبذرت، فقلت: اطلعى فطلعت وقلت أحقلى فحقلت ثم قلت افرخى فأفرخت ثم قلت إيبسى فيبست ثم قلت اطحنى فطحنت ثم قلت أخبزى فخبزت فلما رأيت أنى لا أريد شيئاً إلا كان سقط فى يدى وندمت، والله يا أم المؤمنين ما فعلت شيئاً قط ولا أفعله أبدا، فسألت أصحاب رسول الله وهم يومئذ متوافرون فما دروا ما يقولون لها، وكلهم هاب وخاف أن يفتيها بما لا يعلم إلا أنهم قالوا: لو كان أبواك حيين أو أحدهما لكانا يكفيانك.

يقول تعالى فى الآية التى تلى الآية التى نحن بصددها ﴿وَلَوْ أَنَّهُمْ آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَمَثُوبَةٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ خَيْرٌ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ﴾ أى أنهم لو آمنوا بالله ورسوله واتقوا الكفر والسحر لأثيبوا ثواباً كبيراً وكان ذلك خير لهم لو كانوا يعلمون أن كل من أكب على دنياه وتتبع حظوظه وهواه، وترك العمل بما جاء من عند الله يصدق عليه أنه نبذ كتاب الله، واشتغل بما سواه من حب الدنيا والرئاسة والجاه، فالدنيا سحارة غرارة، تسحر القلوب وتغيبها عن حضرة علام الغيوب وقد قال (اتقوا الدنيا فوالذى نفسى بيده إنها لأسحر من هاروت وماروت)، وقال رسول الله أيضاً (قال أخى عيسى: معاشر الحواريين أحذروا الدنيا لاتسحركم فهى والله أشد سحراً من هاروت وماروت واعلموا أن الدنيا مدبرة والآخرة مقبلة وأن لكل واحدة منها  بنين فكونوا من أبناء الآخرة دون بنى الدنيا فاليوم عمل ولا حساب وغدا الحساب ولا عمل).

أحمد نور الدين عباس

 

النحل

النحلة المخلوق العجيب الذى يفرز لنا السائل الأشد عجبا ألا وهو (العسل) الذى يشفى بقدرة المولى سبحانه ما يقرب من سبعة عشر مرضا أو أكثر، قد قام بإحصائها وكتابتها عالم تركى، وقد انتهى أيضا من معالجة 197 مريضا من أمراض عدة، ووصل إلى نتيجة تقول: إن بعضهم لا يحتاج إلى دواء أكثر تعقيدا من العسل، على أساس أنه غنى بالفسفور والكالسيوم والحديد والفيتامينات أنواع (أ، ب، ب1، ب2، ب6) كما يتنوع العسل بتنوع الأزهار التى يجنى منها الرحيق والبيئة التى يعيش فيها.

وتجد ملكة النحل هى التى تضع البيض من بيض النحل الذى يقوم بصناعة العسل ولكنها لا تستطيع العناية به، وبوسعها أن تضع أكثر من 1500 بيضة فى اليوم الواحد وحوالى 250 ألفا فى الفصل الواحد، وهى تضع بيضا ملقحا يصبح إما عاملات أو ملكات لأن هذا يتوقف على حاجات المجموعة والبيض الغير ملقح يصبح ذكورا، كما تربى الملكات الصغيرة فى خلايا ملكية خاصة، وقبل أن تنشأ تقوم الملكة الأم ونصف العاملات بالطيران على نحو جماعى لإنشاء المجموعة الجديدة، وتقتل أول ملكة تخرج أخواتها الملكات فى خلاياها وتصبح هى الملكة الأم الجديدة.

حسين محمد