يحاول بعض الناس أما عمدا أو جهلا أن يخدعوا أنظار المسلمبن عما كان عليه السلف الصالح ويدعون معرفتهم ويتسببون فى حيرة الناس حتى أنهم ليتسائلون:

أليس المولد بدعة؟

 

أليس الاحتفال بمولد النبى بدعة؟ ألم يقل الرسول أن للمسلمين عيدين فقط هما عيد الأضحى وعيد الفطر، ولذلك فكل ما عداهما من احتفالات هو من قبيل البدعة، أليس كذلك؟

ونقول وبالله التوفيق: هل يصدق عاقل ذو فطرة سليمة أن الاحتفال والفرح بمولد الحبيب بدعة؟

طبعا هذا قول منكر يقصد به حديث المصطفى الذى يقول (...إن أصدق الحديث كتاب الله وأحسن الهدى هدى محمد وشر الامور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة فى النار...) السنن الكبرى للنسائى.

قاصدين بهذا الكلام إن الاحتفال بالمولد حرام وبدعة وأن الذى يحتفل  به مصيره النار فى الآخرة وأى موضوع لا يعجبهم يقولون عنه أنه بدعة وهم لايعرفوا معنى البدعة.

ونقول لمن أراد أن يعرف وتنفعه الذكرى ولا نلتفت لمن أنكر وقرر وأصرّ على الإنكار متبعين بذلك قول الحق جلّ وعلى ﴿فَذَكِّرْ إِنْ نَفَعَتِ الذِّكْرَى﴾ الأعلى 9.

ليس كل شىء يفعله الانسان مطلقا ولم يفعله المصطفى نقول عنه أنه بدعة وضلالة وفاعلها فى النار بل على العكس فبعض الأفعال التى يفعلها الانسان سنة حسنة  فقد ورد فى الصحاح عن النبى أنه قال (من سن سنة حسنة كان له أجرها وأجر من عمل بها دون أن ينقص من أجورهم شيئا ومن سن سنة سيئة كان عليه وزرها ووزر من عمل بها دون أن ينقص ذلك من أوزاهم شيئا). صدق رسول الله . فإن لم يكن احتفالنا بمولد الحبيب سنة حسنة فمتى تكون هذه السنة الحسنة؟

هل جمع المصحف فى زمن النبى ؟

لا بل جمع فى عهد سيدنا عثمان ولم نقل بدعة.

ولم تعمل المنابر فى زمن النبى بل فى زمن سيدنا على بن ابى طالب ولم نقل بدعة .

أيضا صلاة التراويح لم تصلى جماعة  فى المسجد فى زمن النبى بل جمعت فى زمن سيدنا عمر بن الخطاب ولم نقل بدعة.

كذلك الأحاديث النبوية لم تجمع إلا فى عهد سيدنا عمر بن عبد العزيز ولم نقل بدعة.

ومن أمثلة السنة الحسنة أن النبى بعد أن صلى بمسجد قباء سأل الصحابة هل فيكم من أحدث فى أمرنا هذا شىء؟ قالوا: لا. فسألهم واحد واحد، قالوا: لايارسول الله. وكان سيدنا سعد قد ذهب لإحضار ماء للصحابة وعندما حضر سأله النبى ، هل أحدثت فى أمرنا هذا شـىء قال له: نعم يارسول الله. قال له: ماهو؟ قال له: نحن لما أسلمنا فى المدينة تعلمنا الإستجمار بالحجر, ولما جئنا الى هنا أصبحنا نستجمر بالحجر ونستبرأ بالماء, قال له النبى (من سن سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها إلى يوم الدين).

أما عن الاحتفال بالمولد النبوى الشريف فهذا فرح مشروع يقول المولى تبارك وتعالى ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِى الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ • قُلْ بِفَضْلِ اللهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ﴾ يونس 10: 57-58، وإذا كان النبى هو الرحمة للعالمين وهو الرحمة المهداه من رب العالمين فكيف لا نفرح به صلوات ربى وسلامه عليه, إذا كان فى المعراج قد تزينت السماء لقدومه صلوات ربى وسلامه عليه.

فكيف لا نفرح به, إذا كان يوم مولده إنفعل له الكون فانطفأت نار فارس وارتجس إيوان كسرى وسقطت منه أربع عشرة شرافة، وغيض ماء بحيرة ساوة، فلماذا قست القلوب ولم تفرح فى ذكرى مولد الحبيب صلوات ربى وسلامه عليه أيعاقبنا تبارك وتعالى بالنار على أننا احتفلنا بذكرى حبيبه فقرأنا القرآن وذكرنا الله فى جمع أو أننا رقصنا رقصا طيبا من شدة الفرح أو عملنا الولائم وأكّلنا الفقراء أو أكلنا حلوى مثلا؟ هل يوجد إنسان عاقل يصدق هذا مع أن الذين يدّعوا بتحريم الاحتفال بذكرى المولد يحتفلون بذكرى محمد بن عبد الوهاب أسبوع كامل كل عام ويحرمون علينا الاحتفال بذكرى مولد الحبيب صلوات ربى وسلامه عليه. ثم من قال لهم أنتم أوصياء على المسلمين؟ ثم كيف يشرع لنا فقها من السنة بإقامة الموائد ونعمل العقيقة للمولود ولا نحتفل بذكرى مولد سيد الخلق صلوات ربى وسلامه عليه؟ ومن السنة أيضا دعوة الناس للعرس واقامة الولائم والفرح بقدوم الغائب من السنة أيضا.

وخرج البخارى فى صحيحه أن أبا لهب رآه بعض أهله فى المنام بشر حيبة -أى حالة- فقال ما لقيت بعدكم راحة غير أنى سقيت فى مثل هذه وأشار إلى النقرة بين السبابة والإبهام بعتقى ثويبة.

وروى غير البخارى أن الذى رأى أبا لهب من أهله هو أخوه العباس وأنه قال مكثت حولا بعد موت أبى لهب لا أراه فى نوم ثم رأيته فى شر حال فقال ما لقيت بعدكم راحة إلا أن العذاب يخفف عنى كل يوم اثنين. وذلك أن رسول الله ولد يوم الاثنين فبشرت أبا لهب بمولده ثويبة مولاته فقالت له أشعرت أن آمنة ولدت غلاما لأخيك عبد الله فقال لها اذهبى فأنت حرة فنفعه ذلك وهو فى النار...

فلعتقه ثويبة قيل أنه يخفف عنه العذاب كل ليلة إثنين بسبب فرحه بمولد المصطفى وذلك رغم أنه كان مشركا فما بالنا بفرح المسلم الموحد بمولد الحبيب .

اللهم انفعنا وانفحنا فى مولد الحبيب نفحة لاتدركها قلوبنا ولا عقولنا منّة من أجل حبيبك واجعل اللهم مولده خيرالموالد كلها على الأمة الاسلامية بل وعلى العالم أجمع آمين.

وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين والى اللقاء فى العدد القادم باذن الله تعالى والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

محمد مقبول