إلا تنصروه
فى حالة لم نسمع عنها غير أيام الجاهلية ألا وهى مهاجمة الرسل .. نجد اليوم من يتطاول على رسول الله صلوات ربى وسلامه عليه ولم يفعل تلك الفعلة غير أهل الجاهلية وبعد أن استتب الأمر واكتمل الدين وعرف الناس فضل الأنبياء لزم كل إنسان حده. ونتعرض للقطة قرآنية تتحدث عن نصرة الحبيب، فيحدثنا الحق سبحانه وتعالى بقوله: ﴿إِلاَّ تَنصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ الله﴾
أى إن تركتم نصره
فالله
متكفل بنصره حتى فى مواطن القلة، وسنظهر رسولنا على عدوه بالنصر، حتى
وإن كان لم يكن معه إلا رجل واحد، وقد حدث فعلا فى رحلة الهجرة، فلم
يكن معه فى الهجرة النبوية الشريفة سوى سيدنا أبو بكر الصديق
وقبل أن نسترسل فى هذا الحديث يجب التنويه على أن الحبيب صلوات ربى وسلامه عليه لم يخرج هربا وفرارا بل خرج من بين أقوى فتيان قريش ولم يكتف بذلك ولكنه وضع التراب فوق روؤسهم جميعا، ثم يبدأ الرحلة الميمونة التى أمره الله سبحانه وتعالى بها فدل لنا من تلك العملية على أن الخروج لم يكون هربا من شئ وإنما كان لأمر إلهى وهو الهجرة.
نعود لقصتنا .. فما
لبث
صلوات ربى وسلامه عليه غير ساعة حتى وصل وصاحبه إلى غار فى جبل ثور،
وبعد فترة يصل
والعجيب الغريب أن الذى يحول بينهم وبين المشركين خيط عنكبوت وحمامتين، فيروى لنا أهل السيرة أنه لما دخلا الغار أمر الله تعالى العنكبوت فنسجت على فم الغار وبعث سبحانه حمامتين وحشيتين فباضتا فيه، فلما أقبل فتيان قريش يحملون سيوفهم، تعجل بعضهم فنظر فى الغار ليرى أحداً فرأى حمامتين فرجع إلى أصحابه وقال لهم: ليس فى الغار أحد ولو كان قد دخله أحد ما بقيت هاتان الحمامتان وإن عليه لعنكبوتاً قبل ميلاد محمد. لماذا لم ير هذا الفتى أحدا؟ لأن الحبيب المحبوب صلوات ربى وسلامه عليه قال (اللهم اعم أبصارهم) فجعلوا يترددون حول الغار ولا يرون أحداً.
وعند دخول
الغار
نجد الصديق يقول: والذى بعثك بالحق لا تدخل حتى أدخله فإن كان فيه شئ
نزل بى قبلك، وكان فى الغار فتحة فيها حيات وأفاعى فخشى الصديق أبو بكر
وفى تحد
لهذا
الحدث من مطاردتهم للحبيب يقول سبحانه ﴿وَجَعَلَ كَلِمَةَ الذين
كَفَرُواْ السفلى﴾ أى كلمتهم التى اجتمعوا
ولم ينته الأمر عند هذا الحد، بل يبلغ التحدى ذروته ويلحقهم أحد
الطامعين فى الدية وهو سراقة بن مالك على فرس له فقال الصديق: يا رسول
الله
هذا
الطلب قد لحقنا فقال الحبيب ﴿لاَ تَحْزَنْ إِنَّ الله مَعَنَا﴾ فلما
دنا سراقة قدر رمح قال الصديق: يا رسول الله هذا الطلب قد لحقنا وبكى
فقال الحبيب (لم تبك)؟ فقال الصديق: أما والله ما أبكى على نفسى ولكن
أبكى عليك، فدعا
أبا حكم والله لو كنت شاهدا لأمر جوادى إذ تسيخ قوائمه علمت ولم تشكك بأن محمدا رسول ببرهان فمن ذا يقاومه لطيفة: للمتعصبين من المسلمين من تطاوعهم قلوبهم بإساءة الأدب على الحبيب بأن ينطقوا اسمه مجردا من السيادة، فإن الله نصره أعظم نصر، ألا وهو أن كتب اسمه فى أعظم ركن فى الإسلام، لقد كتبه فى الصلاة، فالصلاة عبارة عن أربع حركات، الحركة الأولى الوقوف والثانية الركوع والثالثة السجود والرابعة الجلوس، فماذا يكتب المصلى بهؤلاء الحركات الأربع: فالحركة الأولى الوقوف: يكتب حرف الألف. والحركة الثانية الركوع يكتب حرف الحاء. والحركة الثالثة السجود يكتب حرف الميم. والحركة الرابعة الجلوس يكتب حرف الدال. ومجموع الحركات الأربع تكتب اسم (أحـمد).
فالرأس والرقبة يكتبان حرف الميم. والجذع مع اليدين يكتبا حرف الحاء. ودائرة البطن وفى وسطها الصرة تكتب حرف الميم الأخرى. وفتحة الرجلين تكتب حرف الدال. فكل إنسان مسلم وغير مسلم يكتب الاسم (مـحمد) ولم يخلقنا سبحانه مثل الطيور أو الحيوانات أو النبات أو على أى صورة أخرى .. سوى على صورة حبيبه ومصطفاه صلوات ربى وسلامه عليه. ومن العجيب أيضاً أن كتب السيرة لم تذكر أى إسائة للنبى صلوات ربى وسلامه عليه للمشركين بل كان هو الذى يتحمل أذاهم ويصبر عليه فلو وعوا التاريخ جيدا كما هو وابتعدوا عن الغل والحسد والأحقاد لعلموا مدى جرمهم فلم نجد فى أى كتاب من الكتب السماوية ما يدعو إلى الإسائة لأى واحد من البشر بل كلها تحث على العفو والتسامح فأولى بهم أن يراجعوا كتبهم ويمتثلوا لما تأمرهم بها من عفة اللسان والأخلاق الطيبة، وإن كان الأمر على عكس هذا الحال فصدق من قال "كل إناء بما فيه ينضح". محمد المصرى
|
||
ومن أراد الاستزادة
فليطلع على
موقع النبى
أسرة التحرير |
||
![]() |
||
|