يحاول بعض الناس أما عمدا أو جهلا أن يخدعوا أنظار المسلمبن عما كان عليه السلف الصالح ويدعون معرفتهم ويتسببون فى حيرة الناس حتى أنهم ليتسائلون:

أليس مدح النبى شرك؟

 

يظن بعض الجهلاء وقاصرى النظر بأن مدح الحبيب المصطفى شرك ومغالاة وشىء يذمه الشرع ومنهى عنه مستندين الى حديث (لا تطرونى كما أطرت النصارى عيسى ابن مريم) والإطراء فى اللغة أى المدح، وفى هذا الصدد من كتاب مفاهيم يجب أن تصحح لفضيلة الإمام الداعية الشيخ محمد بن علوى المالكى إمام البلد الحرام بمكة المكرمة يقول: هذا فهم سىء ويدل على قصر فهم صاحبه وذلك أن النبى نهى أن يطرى كما أطرت النصارى ابن مريم إذ قالو: ابن الله ومعنى ذلك أن من أطراه ووصفه بما وصفت النصارى نبيهم فقد صار مثلهم.

أما من مدحه بما لايخرجه عن حقيقة البشرية معتقداً أنه عبد الله ورسوله مبتعداً عن معتقد النصارى فإنه ولا شك من أكمل الناس توحيداً وفى ذلك يقول الإمام البصيرى:

دع ما ادعته النصارى فى نبيهم    واحكم بما شئت فيه واحتكــــم

فإن فضل رسول الله ليـــــــس           له حد فيعرب عنه ناطق بفم

فمبلغ العلم فيه أنه بشـــــــــــر              وأنه خير خلق الله كلهـــــــم

ثم يقول: ولقد تولى المولى تبارك وتعالى حبيبه ومصطفاه فقال فى كتابه العزيز ﴿وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ القلم 4، وأمر بالتأدب معه فى الخطاب فقال ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِىِّ وَلَا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَنْ تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تَشْعُرُونَ الحجرات 2، كما نهانا أن نعامله معاملة بعضنا بعضاً أو نناديه كما ينادى بعضنا بعضاً فقال ﴿لَا تَجْعَلُوا دُعَاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضًا النور 63، وذم الذين يسوّون بينه وبين غيره فى المعاملة والأسلوب فقال ﴿إِنَّ الَّذِينَ يُنَادُونَكَ مِنْ وَرَاءِ الْحُجُرَاتِ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ الحجرات 4، كما أن الصحابة كانوا يمدحون النبى ومنهم سيدنا حسان بن ثابت فيقول:

أغرُّ عليه للنبوة خاتـَمٌ                        مِن الله مشهودٌ يلوحُ ويشهدُ

وضمّ الإلهُ اسمَ النبى إلى اسمهِ       إذا قال فى الخمس المؤذنُ أشهدُ

وشقّ له من اسمهِ ليُجِلـَّهُ                 فذو العرش محمودٌ وهذا محمدُ

نبىٌ أتانا بعد يأسٍ وفترةٍ              من الرسل والأوثانُ فى الأرض تـُعبَدُ

فأمسى سراجاً مستنيراً وهادياً              يلوح كما لاح الصقيلُ المهندُ

وأنذرَنا ناراً وبشـّر جنةً                         وعلـّمنا الإسلامَ فاللهَ نحمدُ

ويقول أيضاً:

ياركن معتمد وعصمة لائـذ              وملاذ منتجع وجار مجـاور

يامن تخيـره الإلـه لخلقـه               فحباه بالخلق الزكى الطاهـر

أنت النبى وخير عصبة أدمياً            من يجود كفيض بحر زاخر

ميكال معك وجبرئيل كلاهمـا            مدد لنصر من عزيز قـادر

وهذه صفية عمة رسول الله تقول:

ألا يا رسول الله قـد كـنت رجاءنـا        وكـنـت بـنا بـراً ولم تـك جافـيـا

وكـنـت رحـيـماً هــاديـاً ومعـلــمـاً         ليـبـك عليك اليوم من كان باكيـا

فــدى لـرسـول الله أمـى وخـالـتـى         وعـمى وخالى ثـم نفسى وماليـا

فلــو أن رب الـنـاس أبـقـى نـبـينـا          سعـدنا ولكـن أمـره كان ماضيـا

علـيـك مـن الله الـسـلام تـحـــيــة       وأدخلت جنات من العدن راضيـا

وهذا كعب ابن زهير يقول:

بانَتْ سُعادُ فَقَلْبى اليَوْمَ مَتْبولُ              مُتَيَّمٌ إثْرَها لم يُفَدْ مَكْبولُ

وَمَا سُعَادُ غَداةَ البَيْن إِذْ رَحَلوا        إِلاّ أَغَنُّ غضيضُ الطَّرْفِ مَكْحُولُ

هَيْفاءُ مُقْبِلَةً عَجْزاءُ مُدْبِرَةً               لا يُشْتَكى قِصَرٌ مِنها ولا طُولُ

تَجْلُو عَوارِضَ ذى ظَلْمٍ إذا ابْتَسَمَتْ           كأنَّهُ مُنْهَلٌ بالرَّاحِ مَعْلُولُ

شُجَّتْ بِذى شَبَمٍ مِنْ ماءِ مَعْنِيةٍ     صافٍ بأَبْطَحَ أضْحَى وهْوَ مَشْمولُ

وهاهو رسول الله يمدح نفسه بنفسه (أنا خير أصحاب اليمين، أنا خير السابقين، انا أتقى ولد آدم وأكرمهم على الله ولا فخر) رواه الطبرانى والبيهقى فى الدلائل، (أنا أكرم الأولين والأخرين ولا فخر) رواه الترمذى والديلمى ويقول جبريل "قلبت مشارق الأرض ومغاربها فلم أر رجلاً أفضل من محمد، ولم أر بنى أب أفضل من بنى هاشم" رواه البيهقى وابو نعيم والطبرانى عن عائشة ، والأحاديث كثيرة وكثيرة ورضى الله عن السيد العلوى صاحب هذا الكتاب وياليتهم لو يسمعوا أيحقدون حتى على رسول الله الهم نجنا من شرورهم وأدبنا مع حبيبه ومصطفاه ونختم بما قاله سيدى فخر الدين حيث قال:

سَـيِّدًا لَمْ تَزَلْ وَغَيْرُكَ زَالُوا                وَجَمِيعًا إِلَى جَنَابِكَ آلُوا (48/1)

وَكَرِيمًا وَرَحْمَةً وَإِمَامًا                    وَعَظِيمًا وَلَيْسَ فِيكَ يُقَالُ (48/2)

وَأَمَـانُ بِغَـيْرِ حِصْنِـكَ وَهْـمُ            وَهُدًى غَيْرُ مَا تَقُولُ ضَلَالُ (48/3)

فَإِذَا لَمْ يَكُنْ بِحِصْنِكَ أَمْنِى             فَإِلَى مَنْ تُرَى يُبَثُّ سُؤَالُ (48/4)

وَجَزِيلُ عَطَاؤُكُمْ وَسَخِىٌّ                وَبُلُوغُ الْكَمَالِ فِيكَ مُحَالُ (48/5)

وَجَمِيعُ الْكِرَامِ مِنْكَ نُجُومُ             وَهُمُ بِالتَّجَلِّى عَلَيْكَ ظِلَالُ (48/6)

وَخَلَتْ قَبْلَكَ الْقُرُونُ وَخَـلَّتْ           وَجَمِيلُ عَلَى يَمِينِكَ خَالُ (48/7)

فَأَجِرْنَا فَإِنَّ نُورَكَ فِينَا                هُوَ ذَا الْحُسْنُ أَنْتَ فِيهِ مِثَالُ (48/8)

وَأَدِمْ عِزَّنَا بِوَصْلِكَ نَحْيَا                    فَلَنَا فِيكَ عُرْوَةٌ وَحِبَالُ (48/9)

وَتَخَـلَّلْ شِعَابَ قَلْبِ مُحِبٍّ               فَإِذَا كُنْتَ قَلْبَهُ فَنَوَالُ (48/10)

فَإِذَا الشَّمْسُ مِنْ ضِيَاكَ خَفَاءُ          وَإِذَا الدُّكُّ بِالْجَلِيلِ جِبَالُ (48/11)

وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

وإلى العدد القادم بإذن الله تعالى والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

محمد مقبول